بقلم ذ. الكبير الداديسي
بعد التصويت على الدستور لم يبق أما المغاربة سوى تفعيل بنوده وإنزال مواده لأرض الواقع ... وكا طبيعيا أن تتم انتخابات مبكرة وإلا أصبحت المؤسسات القائمة خارج التغطية ، ومنتهية مدة صلاحيتها لتعارض بعض بنود الدستور الجديد مع المؤسسات الحالية خاصة البرلمان بغرفتيه ...
بعد انتظار طويل ،ِ وبعد أخذ ورد واختلاف وجهات النظر بين من يستعجل الانتخابات لإخراج المغرب من المخاض الذي يعيشه .. ومن يسعى تأجيل هذه الانتخابات ورفض التسرع ، وأخذ الوقت الكافي لإنضاج الشروط حتى تعكس هذه الانتخابات تطلعات الشعب المغربي .... بعد كل ذلك حدد موعد الانتخابات التشريعية في يوم الجمعة 25 نونبر مباشرة بعد عيد الضحى . وقد حدد هذا التاريخ بالتراضي بين قيادات حوالي 20 حزبا سياسيا ...
لكن السؤال هو كيف اتفقت كل هذه التنظيمات على هذا التاريخ ؟؟ وكيف سيتم التعامل مع المأزق السياسي والدستوري الذي سينتج عن هذا التاريخ ؟؟؟
في الدستور الجديد تفتتح الدورة التشريعية : الجلسة الأولى للبرلمان برئاسة جلالة الملك يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر فقد جاء في الفصل 65 من الدستور الجديد (( يعقد البرلمان جلساته أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى، التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، وتُفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل.))
هذا يعني ان افتتاح الدورة التشريعية سيتم بأعضاء البرلمان الحالي والحكومة الحالية ، وأن القانون المالي سيقدم من طرف حكومة عباس الفاسي وستصادق عليه الأغلبية الحالية
في حين ان الدورة الثانية من السنة التشريعية التي ستفتتح في الجمعة الثانية من شهر أبريل 2011 ستكون بحضور برلمان جديد وحكومة جديدة وستكون الحكومة الجديدة مجبرة على تطبيق بنود قانون مالي صادقت عليه حكومة سابقة...
يبدو إذن أن اختيار تاريخ الانتخابات سيضع المغرب في مأزق سياسي ودستوري ، والمطلع على بنود الستور المغربي الجديد سيرجح إمكانية استئناف البرلمان الجديد لأعماله بعقد دورة استثنائية يتم فيها نسخ أعمال الحكومة والبرلمان السابقين ، ذلك أن الدستور الجديد يتيح إمكانية جمع البرلمان في دورة استثنائية فقد ورد في الفصل 66 من الدستور (( يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية، إما بمرسوم، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين. تعقد دورة البرلمان الاستثنائية على أساس جدول أعمال محدد، وعندما تتم المناقشة في القضايا التي يتضمنها جدول الأعمال، تُختم الدورة بمرسوم.))
وبالتالي فمن المرجح أن يستهل البرلمان الجديد أشغاله بدورة استثنائية يناقش فيها جدول محدد وتفتتح وتختتم بمرسوم ... وكان المغرب يعيش حالة استثناء أو طوارئ
والغالب أن هذه العجلة والارتجال سيعيدان نفس الوجوه السياسية رغم كثرة الدعوات إلى تشبيب وتجديد النخب السياسية بالمغرب
وإذا كان الدستور قد منع الترحال السياسي على المنتخبين ، وقرر تجريد كل عضو من صفته في حال تغيير انتمائه السياسي إذ جاء في الفصل 61 (( يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي، الذي ترشح باسمه للانتخابات،)) ....ولكن ماذا عن الذي يغير انتماءه السياسي قبيل الانتخابات فكثير من النخب السياسية ستغير انتماءها السياسي بحثا عن تزعم اللوائح الانتخابية
أما في ما يخص تجديد النخب السياسية فالأكيد ان النخب الموجود حاليا قد استأنست بالكراسي ولن تحيد عنها مهما كانت الخطابات ، لقد ألفت الرضاعة ويستحيل فطامها إلا بقانون يمنع على المنتخب البقاء في البرلمان أكثر من ولايتين أو ثلاث ولايات على الأكثر فثلاث ولايات تعني 15 سنة وهي مدة جد كافية ليترك المنتخب كرسيه لوجه جديد