كوريا الجنوبية : نموذج لبلد حديث النمو الإقتصادي
مقدمة : في النصف الثاني من القرن 20 شهدت كوريا الجنوبية نموا اقتصاديا سريعا جعلها في مصاف البلدان الصناعية الجديدة ، لكنها في نفس الوقت تصطدم ببعض العراقيل.
- ما هي مظاهر و عوامل النمو الاقتصادي لكوريا الجنوبية ؟
- ما هي المشاكل و التحديات التي تواجه كوريا الجنوبية ؟

مظاهر النمو الاقتصادي بكوريا الجنوبية :

مظاهر القوة الصناعية :
· تعتبر كوريا الجنوبية إحدى التنينات الأربعة والقوة الصناعية الحادية عشر عالميا . وتتوفر كوريا الجنوبية على شركات صناعية عملاقة تعرف باسم شيبول. .Chaebol.
· تحتل كوريا الجنوبية مراتب متقدمة في عدة صناعات من أهمها صناعة السفن والسيارات والنسيج والصلب بالإضافة إلى صناعة الأجهزة السمعية البصرية والإلكترونية .
· تحتل الصناعة المرتبة الثانية بعد قطاع التجارة والخدمات من حيث المساهمة في الناتج الداخلي الخام وتشغيل اليد العاملة .
· توجد في كوريا الجنوبية منطقتان صناعيتان رئيسيتان هما :
- المنطقة الشمالية الغربية : التي تشمل بعض المدن من أبرزها العاصمة سيول ومدينة انشون .
- المنطقة الجنوبية الشرقية التي تضم بعض المدن من بينها بوسان وطايكو .

مظاهر القوة التجارية :
· خلال العقد الأخير ، تضاعفت قيمة الصادرات والواردات أكثر من مرة. مما جعل كوريا الجنوبية إحدى القوى التجارية الرئيسية في العالم ( المرتبة 12 عالميا )
· تحقق كوريا الجنوبية فائضا في الميزان التجاري . مما يساهم في دعم الفائض المسجل في ميزان الأداءات .
· تتعامل كوريا الجنوبية مع أغلب دول العالم وفي طليعتها الصين والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وهونغ كونغ والمملكة العربية السعودية.
· تتشكل الصادرات الكورية في معظمها من المنتوجات الصناعية . أما الواردات فتتميز بتنوعها: حيث تشمل منتوجات فلاحية ومصادر الطاقة والمعادن وبعض المواد المصنعة .

استقطاب الاستثمارات الأجنبية :
تعتبر كوريا الجنوبية من أهم دول العالم التي تستقطب رؤوس الأموال الأجنبية . وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان
وهولندا المراتب الأولي بالنسبة لمجموع الاستثمارات الأجنبية في هذا البلد.

العوامل المفسرة للنمو الاقتصادي لكوريا الجنوبية :

العوامل التنظيمية والسياسية :
· مرت السياسة الاقتصادية لكوريا الجنوبية بأربع مراحل :
- خلال الخمسينات من القرن 20 : مرحلة تشجيع الإنتاج الوطني وحمايته من المنافسة الأجنبية ، وفرض قيود جمركية على الواردات.
- خلال الستينات : مرحلة تقوية الصادرات.
- خلال السبعينات : مرحلة بناء الصناعات الثقيلة.
- منذ الثمانينات إلى وقتنا الراهن : مرحلة تطوير الصناعات العالية التكنولوجيا .
· قام نموذج التنمية بكوريا الجنوبية على بعض الأسس منها : الاعتماد في البداية على المساعدات الأمريكية و تطبيع العلاقات مع اليابان ، والاهتمام بالبحث العلمي والتكنولوجي وتقديم تسهيلات للمستثمرين ، وإقامة شراكة بين الرأسمال الوطني والرأسمال الأجنبي ، والاستثمار الخارجي وخاصة في الدول ذات تكاليف الإنتاج الضعيفة.
· بمقتضى دستور 1987 قام النظام الديمقراطي بكوريا الجنوبية الذي اعتمد على الحريات العامة وفصل السلطات واستقلال القضاء. وأتاح الاستقرار السياسي الشروط الضرورية لكل نهضة اقتصادية .

العوامل البشرية والتربوية :
· شكل العامل البشري إحدى دعائم الانطلاقة الاقتصادية بكوريا الجنوبية : إذ أن الصناعة استفادت خلال الستينات والسبعينات من تشغيل اليد العاملة بأجور زهيدة ولمدة عمل أسبوعية طويلة ( 60 ساعة في الأسبوع ).
· تساعد المنظومة التربوية على تطور كوريا الجنوبية حيث يعتبر التعليم إجباريا ومجانيا في المرحلة الابتدائية . وتلعب المؤسسات الخاصة دورا هاما في التعليم الثانوي ، وتتوفر البلاد على عدد كبير من الجامعات والمعاهد العليا ، وتهتم الدولة بتشجيع البحث العلمي والتكنولوجي وتخصص جزءا من الميزانية العامة لقطاع التعليم ، كما تهتم بمحاربة الأمية.

المشاكل والتحديات التي تواجه كوريا الجنوبية :

المشاكل الاقتصادية والاجتماعية :
* تواجه الصناعة الكورية بعض الصعوبات من أبرزها :
- افتقار البلاد إلى مصادر الطاقة والمعادن ، وبالتالي ضرورة استيرادها بكميات ضخمة.
- تزايد أجور العمال خلال العقد الأخير ، وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج الصناعي في كوريا الجنوبية . مما أدى إلى
إفلاس بعض الشركات.
· تمثل الفلاحة نقطة ضعف الاقتصاد الكوري الجنوبي لعدة أسباب منها :
- الظروف الطبيعية غير الملائمة منها غلبة الجبال ( %80 ) وفقر التربة.
- عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي ، وبالتالي اللجوء للاستيراد.
- ضعف مساهمة الفلاحة في الناتج الوطني الإجمالي وفي تشغيل اليد العاملة .
* تتلخص المشاكل الاجتماعية في تزايد الإضرابات العمالية في الفترة الأخيرة . مما أدى إلى الزيادة في الأجور وإلى
ارتفاع تكلفة الإنتاج ، وبالتالي الحد من القدرة التنافسية للمصنوعات الكورية . ولهذا اتجهت الشركات الكورية نحو
الاستثمار في البلدان ذات تكاليف الإنتاج الضعيفة .

التحديات البيئية :
· تعد كوريا الجنوبية من أهم الدول التي تعتمد كثيرا على مصادر الطاقة الملوثة ( كالبترول والفحم الحجري والغاز الطبيعي ) . كما تعتمد أيضا على الطاقة النووية التي تعرف مشاكل تقنية تتسبب في التسربات الإشعاعية .
· تشهد المناطق الأكثر تصنيعا ارتفاع نسبة تلوث الهواء والمياه والسطح.

خاتمة : رغم هذه المشاكل ، تفرض كوريا الجنوبية نفوذها الاقتصادي سواء على المستوى القاري أو العالمي .


شرح المصطلحات :

شيبول : Chaebolشركات كورية تحتكر الإنتاج والتصدير والتشغيل وتستثمر أموالها في مختلف جهات العالم ، ومن
أبرز هذه الشركات سامسونغ – هيونداي- كيا .
ميزان الأداءات : الفرق بين المداخيل و النفقات الخارجية للبلد من العملات الصعبة .

من إعداد : ذ . المصطفى قصباوي