تمهيــــــد:

يعتبر نجيب محفوظ من أهم الروائيين العرب الذين أرسوا دعائم الرواية العربية تجنيسا وتجريبا وتأصيلا إلى جانب محمد حسين هيكل وسهيل إدريس ويحيى حقي ويوسف إدريس وعبد الحليم عبد الله وعبد الرحمن الشرقاوي والطيب صالح وجمال الغيطاني وحيدر حيدر وحنامينه وإدوار الخراط وعبد الرحمن منيف وصنع الله إبراهيم وطاهر وطار ومحمود المسعدي وواسيني الأعرج وجبرا إبراهيم جبرا وإميل حبيبي وغسان كنفاني وبنسالم حميش ومحمد برادة ومحمد شكري...
وقد تميز نجيب محفوظ عن هؤلاء الروائيين بتعدد أشكاله السردية وتعدد المواضيع والقضايا التي تناولها في إطار رؤى فلسفية مختلفة في تصوير مصر و تشخيص فضاء القاهرة عبر امتداد تاريخ السلالات المالكة للسلطة والحكومات المتعاقبة. وبذلك، يكون نجيب محفوظ الناطق المعبر عن تاريخ مصر، كما كان عبد الكريم غلاب ناطق التاريخ المغربي، ونبيل سليمان ناطق التاريخ السوري، وطاهر وطار ناطق التاريخ الجزائري، وغسان كنفاني ناطق التاريخ الفلسطيني...
ومن أهم الروايات التي دبجها نجيب محفوظ رواية" اللص والكلاب" التي اتخذت طابعا رمزيا وذهنيا على مستوى المقصدية المرجعية والرسالة الفنية.
إذاً، ما هي العناصر المناصية والنصية التي تتكئ عليها هذه الرواية؟ وماهي بنياتها القصصية والسردية التي تزخر بها؟ وماهي الأبعاد المرجعية التي تتضمنها الرواية؟ وماهي طبيعة القراءات التي ظفرت بها الرواية على مستوى التقبل والتلقي؟

1- مدخل إلى الرواية العربية:
عرفت الرواية العربية مجموعة من المحطات التاريخية والفنية لايمكن تجاهلها عند دراسة رواية عربية ما. ويمكن حصر هذه المحطات والمراحل فيما يلي:

أ‌- مرحلة المحكي العربي القديم: تعتبر الأشكال السردية الحكائية القديمة ( ألف ليلة وليلة، وسيرة عنترة بن شداد، وسيرة سيف بن ذي يزن، وسيرة الظاهر بيبرس، ورسالة حي بن يقظان،والمنقذ من الضلال للغزالي، ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري...) أنماطا روائية تراثية بمقياسنا العربي الأصيل، لا بمفاهيم الرواية الأوربية الحديثة التي أوقعتنا في التقليد والانبهار والتلفيقية والتجريب رغبة في الحداثة. وإن كان ذلك قد تم على حساب مقوم الأصالة والتراث والذات والهوية والفهم الحقيقي للشخصية العربية وتمتين التواصل الحضاري بين الشرق والغرب وربط الماضي بالحاضر لتحقيق قفزة حضارية صحيحة أساسها: التوازن بين الماديات والأخلاقيات الإسلامية.

ب‌- مرحلة الجهود الروائية الأولى: تعد هذه المرحلة امتدادا للمرحلة التراثية الأولى كما نجد ذلك في أعمال كل من حافظ إبراهيم " ليالي سطيح"، والمويلحي" عيسى بن هشام"، ورفاعة الطهطاوي" تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، ومحمد بن المؤقت المراكشي في" الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية". وما هذه الجهود في الحقيقة إلا امتداد لألف ليلة وليلة وسيرة عنترة وسيف بن ذي يزن ومقامات بديع الزمان الهمذاني ومقامات الحريري وكتابات كل من ابن المقفع" كليلة ودمنة"، وابن بطوطة" تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار".
وتؤكد هذه الجهود الروائية التواصل الحضاري والفني وربط الماضي بالحاضر. لكن صدمة النهضة والحداثة والانبهار بالحضارة الغربية والتهافت على الجديد الأدبي ( لا التقني والعلمي)، وتقليد رجل الغرب في طقوسه وشكلياته ( لا في عقليته العملية واختراعه العلمي والتكنولوجي)، سبب في القطيعة الإبداعية والانفصام الحضاري وانفصال الحاضر عن الماضي على مستوى التخييل الحكائي والإبداع السردي.

ج- مرحلة التجنيس الفني للرواية العربية: تم تجنيس الرواية العربية منذ أوائل القرن العشرين مع رواية" زينب" لمحمد حسين هيكل، و" الأجنحة المتكسرة" لجبران خليل جبران على غرار القواعد والأنماط الشكلية الأوربية، أو ما يسمى بالرواية الكلاسيكية في تياراتها التاريخية والرومانسية والواقعية التي تذكرنا بروايات فلوبير وإميل زولا وبلزاك وستندال وتولوستوي وماكسيم گوركي ودويستفسكي.
ويلاحظ على هذه المرحلة تقليد الرواية العربية لنظيرتها الأوربية في مضامينها وأشكالها الفنية والجمالية وتقنياتها السردية؛ مما أوقع الرواية العربية في التقليد والاقتداء الأعمى والتجريب والاستهلاك والانقطاع عن التراث الروائي والعزوف عن تطويره امتدادا وتواصلا وإبداعا إن شكلا وإن مضمونا.

د- مرحلة الرواية العربية الجديدة: استهدف أصحاب الرواية العربية الجديدة أو الطليعية إما التحديث على غرار الرواية الفرنسية الجديدة التي من أقطابها: آلان روب گرييه وكلود سيمون وريكادو وميشيل بوتور....، وإما السير على خطى رواية تيار الوعي أو ما يسمى بالرواية النفسية أو الرواية المنولوجية كما عند مارسيل بروست أو ڤرجينيا وولف وإرنست همينگواي ودون باسوس وكافكا وجيمس جويس.

هـــ- مرحلة التأصيل الروائي: ظهرت مرحلة التأصيل بعد كساد التجريب الروائي الذي تحول إلى مجموعة من التمارين السردية المملة البعيدة عن هويتنا وحضارتنا الأصيلة، مما جعل بعض الروائيين يفكرون في التخييل التراثي والتأصيل والبحث عن شكل روائي عربي، فعاد الروائيون العرب إلى التراث قصد استلهامه وتحويله محاكاة وتحريفا وتخييلا وحوارا، وإعادة بنائه في أشكال تناصية وأنماط تخييلية تعزف على إيقاع التراث و أساليب السرد العربي القديم كما نلفي ذلك عند نجيب محفوظ وجمال الغيطاني ومحمود المسعدي وبنسالم حميش ورضوى عاشور وواسيني الأعرج....
تلكم –إذاً- أهم المراحل التي عرفتها الرواية العربية ضمن مسارها التاريخي والإبداعي والفني...

2- عتبات النص الموازي:
أ‌- عتبة المؤلف:
ولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد باشا في حي الجمالية بالقاهرة عام 1911م، ونشأ في أسرة متوسطة الحال. فتلقى تعليمه الابتدائي بالمدرسة الحسنية، ثم الثانوي بمدرسة فؤاد الأول إلى حين حصوله على شهادة البكالوريا، وتخرج بعد ذلك من كلية الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة.
وقد شرع في الكتابة والإبداع منذ المرحلة الثانوية، ونشر عام 1934م أول نص قصصي له حمل عنوان" ثمن الضعف"، وانخرط بعد ذلك في سلك الوظيفة العمومية بإدارة جامعة فؤاد الأول، فوزارة الثقافة ليعين عضوا بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، ثم مستشارا لوزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة...
وأحيل نجيب محفوظ على المعاش عام 1971م، ومن يومها وهو يواصل الإبداع والكتابة الروائية والقصصية والمسرحية إلى أن حاز على جائزة نوبل في الآداب عام 1988 م.
ولقد اعتدى عليه بعض المتطرفين من أجل إسكاته نهائيا، في حين صودرت روايته" أولاد حارتنا" من الساحة الثقافية المصرية بصفة خاصة والساحة الثقافية العربية بصفة عامة.
هذا، ولقد عايش نجيب محفوظ جميع ماشاهدته مصر في تاريخها الحديث من هزات مست مختلف مكوناتها ابتداء بالثورة العرابية سنة1882م، وثورة سعد زغلول سنة 1919م، وما عاشته من أزمات اقتصادية خاصة أزمة مابين 1930و1934م ، وما رافق الحرب العالمية الأولى والثانية من استبدادات إقطاعية واستعمارية وأزمات سياسية وفكرية واجتماعية، عمل نجيب محفوظ على تجسيد أثرها على المجتمع العربي، فكانت قصصه رحلة عبر الأزمات المادية والروحية.
وتأثر نجيب محفوظ إلى جانب انجذابه إلى المحيط الذاتي والاجتماعي والعصري بمؤثرات التراث العربي والغربي حيث تأثر قديما بالتأمل الفلسفي عند أبي العلاء وبالروح الشعرية التأثرية عند ابن الرومي. فبدأ تجاربه الأولى بنظم القصائد حتى عد نفسه رائد المدرسة الحديثة في الشعر، وحديثا تأثر بالحس الاجتماعي الرهيف عند المنفلوطي، والعلم والاشتراكية عند سلامة موسى، كما تأثر في الجامعة بالدراسات الفلسفية التي وجهت تفكيره إلى القضايا الفكرية،كما تأثر بمختلف الاتجاهات الروائية الغربية كالاتجاه التاريخي والواقعي والنفسي والعبثي والطبيعي. فبرز أثرها في تنوع الأشكال الروائية عنده بين التاريخية والاجتماعية والفلسفية.

ب‌- عتبـــة التأليف:

نشر نجيب محفوظ أول نص قصصي له سنة 1934م بعنوان" ثمن الضعف"، وكتب سبعا وثلاثين رواية
وقد كتب نجيب محفوظ كذلك (12) مجموعة قصصية و(7) مسرحيات
واستدراكا على ماسبق، هناك من يقول: إن أول نص روائي لنجيب محفوظ ظهر سنة 1939م، وفي هذه السنة بالذات صدرت رواية "عبث الأقدار". وهناك من يؤرخ لها بسنة 1938م، وهناك أيضا من يشير إلى " مصر القديمة " التي ظهرت سنة 1932م من تأليف جيمس بيكي، ومن ثم، فهي ترجمة عن اللغة الإنجليزية.

ج- عتبة التجنيس:
تتحدد روايات نجيب محفوظ في مجموعة من المراحل الفنية والجمالية يمكن إجمالها في:

• المرحلة التاريخية:(1930- 1938 م): كان نجيب محفوظ في هذه المرحلة يعبر عما يعانيه المجتمع العربي من استغلال في ظل الحكم العثماني والأنظمة الفردية الطاغية، ومترجما لشعور المجتمع المصري الاجتماعي والوطني الثائر ومن روايات هذه المرحلة.( - عبث الأقدار 2- رادوبيس 3- كفاح طيبة)

• المرحلة الاجتماعية( 1939-1952م): تصبح للمأساة نكهة اقتصادية وتربوية، ويتحول نجيب محفوظ من مصر القديمة إلى مصر الحديثة بهمومها الحاضرة حيث يلخص محور أدبه في هذه المرحلة في هذه القولة المشهورة:" إن ظروف الفقر تفسد الأخلاق". - القاهرة الجديدة 2- خان الخليلي 3- زقاق المدق 4- السراب 5- بداية ونهاية 6- الثلاثية ( بين القصرين، قصر الشوق، السكرية).

• المرحلة الفلسفية(1959-1975م):
يصبح وعي الإنسان في روايات هذه المرحلة الفلسفية مصدر عذابه وشقائه، عذاب المعرفة والاطمئنان والانتماء. (1- أولاد حارتنا 2- اللص والكلاب 3- السمان والخريف 4- الطريق 5- الشحاذ 6- ثرثرة فوق النيل.)

• المرحلة التراثية : (1977 - 1983م): 1- ملحمة الحرافيش 2- ليالي ألف ليلة 3- رحلة ابن فطومة 4- قشتمر.
يستلهم نجيب محفوظ في هذه المرحلة الموروث الجمالي والسرد العربي القديم وفضاءاته الفانطاستيكية وأجوائه التاريخية وتقنياته الفنية والتعبيرية ، ويقول جورج طرابيشي:"... وأعمال نجيب محفوظ ينطبق عليها بشكل خاص، قانون التطور المتفاوت والمركب، فقد بدأ بالرواية التاريخية في "كفاح طيبة" و"رادوبيس" وغيرها، وانتقل إلى الرواية الواقعية متوجا ذلك بالثلاثية ، ثم بدأ انطلاقا من "اللص والكلاب" يطور أشكال أخرى وصولا إلى توظيف التراث في الرواية. وهو سباق إلى هذا بخلاف ما يزعم... إذ جميع ما حققته الرواية العربية خلال قرون استطاع روائي عربي أن يصل إليه خلال سنوات من حياته الخاصة..."
ومن هنا، نفهم بأن رواية اللص والكلاب رواية فلسفية وجودية تتغنى بالعبث والملل والسأم الوجودي، وتعبر عن الفوضى في الواقع ، والتسيب في المجتمع ، وانحطاط الإنسان ، وتردي القيم الأصيلة في واقع المسخ الغرائبي والامتساخ الفانطاستيكي.

د- بنية العنوان: من يتأمل عنوان الرواية ( اللص والكلاب)، فإنه سيجده عبارة عن جملة اسمية بسيطة مركبة من المبتدإ ( اللص)،والخبر محذوف وهو النص بأكمله، وجملة العطف تتكون من حرف عطف والمعطوف عليه. وتتكون البنية العنوانية من كلمتين بينهما رابط واصل( عطفي). وينبني العنوان على الاختصار والاختزال والحذف الدلالي.
ويحمل العنوان على الرغم من حرفيته بعدا رمزيا فانطاستيكيا قائما على المسخ والامتساخ المشوه، إذ يشبه الكاتب عليش سدرة ونبوية ورؤوف علوان بالكلاب الماكرة واللصوص الخادعة الزائفة، ويوضح هذا الطرح ماكتبه نجيب محفوظ في المقاطع الأخيرة من الرواية:" وانهال الرصاص حوله فخرق أزيزه أذنيه، وتطاير نثار القبور. وأطلق الرصاص مرة أخرى وقد ذهل عن كل شيء فانصب الرصاص كالمطر. وفي جنون صرخ:
- ياكلاب!
- وواصل إطلاق النار في جميع الجهات."
ويعني هذا أن الرواية تنتقد أصحاب الشعارات الزائفة كرؤوف علوان ، وأصدقائه الماكرين كالمعلم بياضة وعليش، وزوجته الخائنة كنبوية. ويدل الامتساخ الكاريكاتوري في الرواية على انعدام الإنسانية الحقيقية وتحول الإنسان إلى حيوان خادع لايحسن سوى الخيانة والكيد والمكر مصداقا لقولة هوبز: "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان".
ويتسم العنوان بهيمنة المكون الفاعلي الذي يحضر عند نجيب محفوظ في الكثير من رواياته ومجموعاته القصصية مثل: أولاد حارتنا، وحضرة المحترم، والشحاذ، واللص والكلاب....

هــــ- الوصف الطيبوغرافي: إن الرواية التي نشتغل عليها صدرت في طبعتها الأولى سنة1961م إبان الثورة الناصرية الاشتراكية ، عهد جمال عبد الناصر الذي أمم قناة السويس وقاوم العدوان الثلاثي وشيد السد العالي. وطبعت الرواية في حجم متوسط مقاسه ( 19.5سم/ 13.5 )، أي إن هذه الرواية مستطيلة الشكل تتداخل فيها الأبعاد الثلاثة( الطول والعرض والحجم). أما عدد صفحاتها، إذا اعتمدنا الطباعة التجارية الصادرة عن مطبعة مكتبة مصر ( الفجالة) بالقاهرة، فهي 143 صفحة. وتخلو الرواية من الفصول والنجيمات البصرية (***) التي نجدها مثلا في رواية " بداية ونهاية".

و- الغلاف الخارجي: يحتوي الغلاف الخارجي الأمامي للرواية على بوسترPoster ملون بألوان مختلفة تتداخل فيها الألوان الباردة كاللون الأزرق واللون الأخضر، والألوان الساخنة كاللون الأحمر واللون البرتقالي ، كما يتقاطع فيه البياض مع السواد. وتعبر هذه الألوان المتناقضة عن جدلية الحياة والموت، والحب والانتقام، والفرح والحزن، والشقاء والسعادة.
هذا، ويحيل المسدس على الرواية البوليسية أو رواية الجريمة، كما تحيل المرأة على الحب والجنس والإباحية وتردي القيم الأخلاقية وتفسخ المجتمع وانحطاط الإنسان.
وأظن أن رسام هذه اللوحة التشكيلية هو جمال قطب الذي صور الكثير من اللوحات الواقعية التي تصدرت بها أغلفة روايات نجيب محفوظ الروائية والقصصية.
إذاً، فاللوحة ذات تشكيل واقعي بعيد عن التجريد وأشكاله، فهو يشير إلى أحداث القصة أو على الأقل إلى مشهد مجسد من هذه الأحداث. وعادة ما يختار الرسام موقفا أساسيا في مجرى القصة يتميز بالتأزيم الدرامي للحدث. ولا يحتاج القارئ إلى كبير عناء في الربط بين النص والتشكيل بسبب دلالته المباشرة على مضمون الرواية. وببدو أن حضور هذه الرسوم الواقعية تقوم بوظيفة إذكاء خيال القارئ ودغدغة عواطفه، لكي يتمثل بعض وقائع القصة وكأنها تجري أمامه.
ويمكن اعتبار العناوين وأسماء المؤلفين وكل الإشارات الموجودة في العلاف الخارجي الأمامي داخلة في تشكيل المظهر الخارجي للرواية. كما أن ترتيب واختيار مواقع كل هذه الإشارات، لا بد أن تكون له دلالة جمالية أو قيمية. فوضع الاسم في أعلى الصفحة، لايعطي الانطباع نفسه الذي يعطيه وضعه في الأسفل. ولذلك غلب تقديم الأسماء في معظم الكتب الصادرة حديثا في الأعلى إلا أنه يصعب على الدوام ضبط جميع التفسيرات الممكنة وورود فعل القراء، وكذا ضبط نوعية التأثيرات الخفية التي يمارسها توزيع الموقع في التشكيل الخارجي للرواية، إلا إذا قام الباحث بدراسة ميدانية.
ويمكن اعتبار حيثيات النشر عناوين فرعية إلى جانب العنوان البصري والتعيين الجنسين، بيد أن رواية" اللص والكلاب " إذا كانت قد ذكرت المطبعة ومكانها، فإنها لم تحدد زمنها وعدد طبعاتها.

3- المتن الحكائي:

تصور رواية" اللص والكلاب" سعيد مهران بعد خروجه من السجن الذي قضى فيه سنوات عدة، أربع منها كانت غدرا، كان وراءها المعلم عليش سدرة وزوجته نبوية اللذين تآمرا عليه ودبرا له مكيدة للتخلص من وجوده العابث وتهديداته الطائشة، فأصبحت بنته سناء في كنف أمها ورعاية عليش منذ عامها الأول. بينما غيّب سعيد مهران بين قضبان السجون يندب حظه التعيس وأيامه النكداء بسبب مبادئه الثورية الزائفة التي لقنها إياها معلمه رؤوف علوان:
" مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، ولكن الجو غبار خانق وحر لايطاق. وفي انتظاره وجد بدلته الزرقاء وحذاءه المطاط، وسواهما لم يجد في انتظاره أحدا. ها هي الدنيا تعود، وها هو باب السجن الأصم يبتعد منطويا على الأسرار اليائسة. هذه الطرقات المثقلة بالشمس، وهذه السيارات المجنونة، والعابرون والجالسون، والبيوت والدكاكين، ولاشفة تفتر عن ابتسامة... وهو واحد، خسر الكثير، حتى الأعوام الغالية خسر منها أربعة غدرا، وسيقف عما قريب أمام الجميع متحديا. آن للغضب أن ينفجر وأن يحرق، وللخونة أن ييأسوا حتى الموت، وللخيانة أن تكفر عن سحنتها الشائعة. نبوية وعليش، كيف انقلب الاسمان اسما واجدا؟ أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب"
يشكل هذه المقطع الاستهلال الروائي الحدثي بؤرة الرواية وتمفصلها الأساسي ؛ لأنه يلخص كل الأحداث التي وقعت والتي ستقع داخل الرواية، كما توجز حبكة الرواية وعقدتها الجوهرية التي تتمثل في الانتقام من الخونة والثأر من الذين غدروا به وهم: المعلم عليش وزوجته نبوية ورؤوف علوان.
وبعد ذلك، يلتجئ الروائي إلى تمطيط هذا الاستهلال وتوسيعه وتبئيره سردا وتحبيكا وتشويقا عبر مسار المتن الحكائي، لتكون النهاية سلبية تنتهي باستسلام سعيد مهران وموته وفشله في إنجاز مهمته وأداء البرامج السردية التي أنيط بترجمتها وتنفيذها. ومن ثم، تصبح شخصية سعيد مهران شخصية إشكالية غير منجزة بسبب فشلها الذريع في الانتقام من أعدائه الخونة؛ بسبب السقوط في شرك الأخطاء والظنون والتوهمات العابثة التي جعلت الحياة في منظورها بدون جدوى ولا معنى .
وإذا كان الاستهلال الروائي ينبني على حبكة حدثية مسبقة، فإن المتن أو المركز الوسطي هو تنفيذ للانتقام والثأر. بيد أن هذا الفعل كان مجانيا وعشوائيا لايصيب إلا الأبرياء من البوابين وضحايا المستغلين البشعين. أما نهاية الرواية، فقد ركزت على فعل المطاردة وسحق المجرم تحت ضربات وطلقات الرصاص التي حولت مكان اختباء سعيد مهران إلى مقبرة مصيرية له.
وبهذا، تتخذ الرواية طابعا سينمائيا حركيا Action ، لأن المتن الروائي كتب بطريقة السيناريو القابل للتشخيص السينمائي والإخراج الفيلمي الدرامي. وفعلا، فقد تم إخراج هذا الفيلم سينمائيا منذ سنوات مضت في مصر؛ نظرا لتوفر الرواية على لقطات بصرية وحركية تستطيع جذب المتفرج.
وعلى أي، فبعد خروج سعيد مهران من زنزانته العدائية المغلقة، لم يجد أحدا من عائلته وأقربائه وأصدقائه في انتظاره خارج السجن، وهذا يشير إلى كونه مكروها من الجميع ومنبوذا بسبب سلوكياته المنفرة. بيد أن ماكان يسرقه من منازل الأغنياء وڤيلاتهم كان يعتبر فعلا بطوليا عند رؤف علوان، إنه نتاج التفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي بين الأغنياء والفقراء. ولم يلتجئ سعيد مهران إلى هذه السرقة الطبقية إلا بعد موت أسرته الفقيرة ، أبيه البواب الذي مات مريدا سالكا مؤمنا حامدا لله، والأم التي عبث بها الفقر والنكد حتى ماتت طريحة الفراش في البيت المنهوك من شدة الفاقة و فوق سرير المستشفى الذي بقيت فيه بدون عناية ورعاية صحية إنسانية.
ولم يبق أمام سعيد مهران في هذه الظروف الصعبة إلا بالجمع بين دراسته والاشتغال بوابا، ليستكمل حياته بسرقة طلاب العلم وممتلكات الأغنياء. وكان أستاذه رؤوف علوان يشجعه على ذلك؛ لأن مصر الثورة كانت تتصارع جدليا مع الأسياد الأغنياء الذين حولوا الشعب المصري إلى عبيد ومستضعفين. وقد أشاد رؤوف علوان بهذه السرقات التي كان يعتبرها فعلا بطوليا و إنجازا ثوريا للقضاء على الطبقة الإقطاعية الغنية.
وهكذا، قرر سعيد مهران بعد خروجه من فضائه العدواني المنغلق أن ينتقم أولا من المعلم عليش وزوجته نبوية، واتجه حيال منزلهما بميدان القلعة الذي وجده محفوفا بالمخبرين الذين يحرسونه من كل سوء، وينتظرون اليوم الذي ستفتح أبواب السجن لسعيد ليأخذ ثأره على غرار أهل الصعيد في جنوب مصر.
ولما فشلت مفاوضات سعيد مع عليش حول استرجاع البنت والزوجة اللتين أنكرتا وجود سعيد واستنكرتا تصرفاته الدنيئة وسرقاته الموصوفة وتهديداته الماكرة، قرر سعيد مهران الاستعداد للمهمة والتأهب للانتقام من المعلم عليش، بعد أن نصحه المعلم بياضة والمخبر بالابتعاد عن هذه السكة التي لاتحمد عواقبها .
وغير سعيد وجهته، فقصد رؤوف علوان الذي أصبح صاحب جريدة ثورية مشهورة في البلد تسمى بـــ" الزهرة" تدافع عن سياسة الحكومة الجديدة، وصار بفضلها من أغنياء البلد ورجالها المعروفين في المجتمع والمقربين من رجال السلطة المحترمين.
وعندما استضاف رؤوف علوان سعيد مهران في منزله الفاخر في شكل ڤيلا واسعة الأرجاء ، كثيرة الأثاث والتحف الغنية، نادمه وأعطاه بعض النقود ليستكمل حياته من جديد بشرف وكرامة. وطلب سعيد من رؤوف أن يشغله محررا في جريدته، لكن رؤوف رفض ذلك، وأمره بأن يبحث عن شغل آخر يتناسب مع وضعه الاجتماعي.
وعندما خرج إلى المدينة تائها في طرقاتها وشوارعها، فكر في خطة الانتقام والتخلص أولا من رؤوف علوان الذي خان مبادئ الثورة وقيم الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، وصار خادعا للشعب وماكرا كبيرا يزيف الحقائق التي من أجلها دخل سعيد السجن ومكث فيه سنوات عدة، أربع منها كانت بسبب الغدر والكيد الخادع.
وعندما فشلت محاولة سعيد مهران في سرقة ممتلكات مسكن رؤوف علوان الذي كان ينتظره بمسدسه العاتي؛ لأنه كان يعلم أن سعيد سيأتي للانتقام منه وسرقة مايملكه من أموال وأشياء ثمينة، فاسترد منه رؤوف جنيهاته ، وحذره أن يعيد الكرة وإلا سيزج به في السجن مرة أخرى.
وبعد أن عفا عنه رؤوف علوان،اتجه سعيد صوب رباط الشيخ علي الجنيدي للاستراحة الروحية والنفسية . وكان علي الجنيدي نقيب السالكين العارفين صديقا وفيا لأبيه الصالح، الذي قضى بدوره حياته في الجذب الصوفي والسفر النوراني والتعراج الروحاني مقتربا من الحضرة الربانية والسعادة القدسية اللدنية.
وبوصول سعيد إلى فضاء الجنيدي المفتوح، أحس براحة داخلية تغمره داخل هذا الفضاء العرفاني الصادق، على الرغم مما كان يحس به من ظمإ وجوع ينخران جسمه المتهالك، وماكان يعانيه من شدة الحقد والحنق على عليش ونبوية ورؤوف.
وكانت لسعيد مهران صداقة حميمية مع المعلم طرزان صاحب مقهى كان يتعود عليه قبل الزج به في السجن، وعرفه سعيد بآخر الأخبار، وطلب منه أن يساعده بمسدس لينتقم من الأوغاد والخونة والكلاب المسعورة التي تنهش اللحوم البشرية النيئة.
ويعد ذلك، سيعرف سعيد عشيقته نور حسناء الحانات والملاهي والأماكن الخالية ، والتي كانت في الماضي معجبة بفتوة سعيد وشجاعته الرجولية، لكن سعيد كان مغرما بخائنته نبوية.
ويقضي سعيد مهران أياما مع نور في شقتها المهترئة من شدة الفقر بين الانتظار اليائس واقتناص لذات الجسد العاطش. ومن هذه الشقة المتواضعة، كان ينطلق سعيد ليصوب رصاصاته الطائشة على علوان وزوجته نبوية ورؤوف علوان، بيد أن هذه الرصاصات كانت تخطئهم جميعا لتصيب الأبرياء والبوابين وضحايا الغبن والاستغلال. وهذا ماجعلت الصحف تكتب عن هذه الجرائم العابثة في حق الأبرياء والضعفاء والفقراء ، والتي لحسن الحظ كان ينجو منها الماكرون والخونة.
وفي الأخير، لم تجد كل محاولات الثأر والانتقام، فغدا سعيد مهران إلى فضاء الشيخ الجنيدي ليستلقي بجسده المتعب من شدة الضنى والتعب العابثين. ومن هناك، سيهرب سعيد إلى المقبرة بعد أن أحس بمطاردة المخبرين والكلاب له في كل مكان وناحية، فلم يجد حلا سوى الاستسلام للأوغاد والكلاب الذين أردوه طريحا بين أحضان المقبرة الصامتة لتضع نهاية لحياته العابثة:
" وفي جنون صرخ:
- ياكلاب!
- وواصل إطلاق النار في جميع الجهات.
وإذا بالضوء الصارخ ينطفئ بغتة فيسود الظلام. وإذا بالرصاص يسكت فيسود الصمت. وكف عن إطلاق النار بلا إرادة. وتغلغل الصمت في الدنيا جميعا. وحلت بالعالم حال من الغرابة المذهلة. وتساءل عن.... ولكن سرعان ماتلاشى التساؤل وموضوعه على السواء وبلا أدنى أمل. وظن أنهم تراجعوا وذابوا في الليل. وأنه لابد قد انتصر.وتكاثف الظلام فلم يعد يرى شيئا ولا أشباح القبور. لاشيء يريد أن يرى. وغاص في الأعماق بلا نهاية. ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضوعا ولا غاية. وجاهد بكل قوة ليسيطر على شيء ما، ليبذل مقاومة أخيرة. ليظفر عبثا بذكرى مستعصية. وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام فاستسلم بلا مبالاة... بلا مبالاة..."
وهكذا، تنتهي الرواية بنهاية تنم عن العبث والاستهتار واللامبالاة والاستسلام بدون إرادة واعية ؛ لأن الحياة لاتستحق أن تعاش بين هؤلاء الكلاب اللعينة الغادرة.

3- صورة الشخصية في الرواية:

أ‌- بلاغة الصورة الروائية:

من أهم مكونات الرواية ومرتكزاتها الأساسية نجد صورة الشخصية الروائية التي تتضافر مع مكونات روائية أخرى كالفضاء والإيقاع والامتداد والتلقي لتكون عملا روائيا يمكن نعته على مستوى السياق الجنسي "رواية". ولايمكن تحديد صورة الشخصية باعتبارها مكونا واستخلاص سماتها إلا بوضعها ضمن سياقها الجمالي والأسلوبي وذلك بضبط قواعدها الفنية التي تستند إليها الصورة الروائية بصفة عامة. و ما الصورة الروائية إلا تجسيد جمالي وفني على مستوى اللغة والتعبير. ولهذه الصورة قواعد وضوابط جمالية تتمثل في الطاقة البلاغية واللغوية والسياق النصي والنوعي والذهني. وبالتالي، فالصورة الروائية صورة جامعة لكل العناصر الفنية التي تجعل من الرواية رواية.
هذا، ولقد تعددت المقاربات التي تناولت الشخصية من عدة وجهات ومنظورات. فهناك المنازع السيكولوجية والواقعية إلى جانب المناهج البنيوية والسيميولوجية. وترتب عن ذلك أن انتقلت الشخصية من مرحلة اللحم والدم إلى مرحلة الكائن الورقي ( رولان بارت)، ومن الشخص إلى الشخصية( ميشيل زيرافا)، و من الإنسان الواقعي ( القراءات الانعكاسية) إلى الشخصية المتخيلة أو إلى عامل من العواملActants))( فيليب هامون،گريماس).
إلا أننا عندما نتعامل مع الشخصية علينا أن نستفيد من كل هذا الموروث النقدي الذي ساهم في تحديد الشخصية وفهمها خارجيا وداخليا، كما ينبغي أن نستعين بالطرائق الفنية التي تلتجئ إليها الأسلوبية والصورة الروائية. و لايمكن أن تؤدي صورة الشخصية وظيفتها الجمالية أو الفنية إلا ضمن سياقها النصي، ولايمكن أن تكون إنسانية في أعماقها إلا إذا أقنعت المتلقي بصدق متخيلها السردي. إلا أن كثيرا من الباحثين يربطون الشخصية بوظيفتها المرجعية، لابسياقها الأسلوبي والإستيتيقي. فالبحث في موضوع صورة البطل – تؤكد فاطمة موسى- " في الفن القصصي شائق متعدد الجوانب يدخل في ميدان النقد والتاريخ الأدبي، كما يدخل في نطاق التاريخ الاجتماعي، فالأديب في تصويره للبطل في القصة أو المسرح يعبر عادة عن فلسفة معينة تكمن وراء رسمه لملامح الشخصية(...) والرواية من أكثر الفنون اهتماما بتصوير الإنسان في علاقته بالمجتمع، فهي في رأي الكثيرين ملحمة العصر الحديث، ولذا فإن تصوير الشخصيات فيها غالبا ذو دلالة مضاعفة".
ومثل هذه الدلالة المضاعفة هي التي تختزل – يقول أستاذي الدكتور محمد أنقار- " موقف النقاد الحائرين بين الصورة التخييلية للشخصية الروائية، وبين صورة الكاتب والعصر التي تعكسها تلك الشخصية"
ومن الذين ربطوا الصورة الروائية للشخصية بالمأزق المرجعي والتصور الإيديولوجي للكاتب تجاه عالمه وعصره نجد طه وادي الذي ينظر إلى الرواية على أنها تصور" تجربة إنسانية تعكس موقف كاتبها إزاء واقعه بنفس القدر الذي تفصح فيه عن مدى فهمه لجماليات الشكل الروائي، والرواية تقول هذا وأكثر من خلال أداة فنية مميزة هي(الشخصية)، وهذا ما جعل النقاد يعرفون الرواية بقولهم: إنها فن الشخصية".
هذا، وتستخلص الملامح الإنسانية الرفيعة للصورة الروائية للشخصية التخييلية من السياق الكلي للرواية بعد تضافر مكونات الرواية الجمالية وسماتها الفنية داخل نسيج الوظيفة الجمالية لصورة الشخصية. ويعد كل هذا في رأي الباحث المغربي الدكتور محمد أنقار منظر الصورة الروائية أقل خطرا من القول بــــــ"الانعكاس الاجتماعي" بمفهومه الموضوعي الواسع اعتمادا على مااهتدى إليه" يوري ريوريسكوف" أثناء كشفه عن ملامح إنسانية عميقة، من خلال التركيز على بعض تفاصيل البطلة في رواية" أنا كارنينا" لتولوستوي.
إن صورة الشخصية ذات مرجعية إنسانية ووظيفة جمالية أسلوبية، لاتتشكل إلا في سياقها النصي والذهني وإطارها الخارجي، وعبر الطاقة اللغوية المكثفة والطاقة البلاغية المشخصة بالمشابهة تارة والمجاورة تارة أخرى ولكن في سياقها الكلي لا الجزئي، وفي أبعادها الرمزية والتأويلية لا في تمظهراتها الخارجية أو السطحية فحسب.
وبناء على هذا الاستنتاج، يمكن القول: إن " الصورة الإنسانية للشخصية الروائية لاتتحقق بذاتها، بل بواسطة الكائنات والفضاء الذين يحيطان بها(...) وهذا يعني أن الوعي الكامل بصورة الحياة في الرواية، إنما يتحقق على مستوى التلقي وليس على مستوى الشخصية الرئيسية، التي تظل محدودة الإدراك مهما شحنها المبدع، وتفنن في تنميطها، ووسع دائرة وعيها"
وعليه، فإن البعد الإنساني هو الذي يحدد هوية صورة الشخصية ومفعولها الحيوي في العمل الأدبي ويكسبها حيوية وخصوبة ثرية في تلقي البناء التشكيلي لهذه الصورة عبر امتدادها الروائي وإيقاعها الدينامي أو المتوتر. وبالتالي، فهو الذي يصنف الصور الروائية إلى صور مختلة وصور متوازنة. كما: " أن الإلحاح على إبراز البعد الإنساني لصورة الشخصية الروائية، سيجنبنا – يقول الدكتور محمد أنقار- سبيل التحمس المبالغ فيه لهذا المكون أو غيره، فإذا كان لوبوك قد أكد أن الموضوع هو الذي يملي على الأسلوب الروائي إرادته، وتبنى ميشال زيرافاM.ZERAFFA بدوره الأطروحة التي ترى أن الشخصية هي التي تملي على الكاتب الأشكال المناسبة، فإن الإشكال الأساس، في رأينا، ينحصر في محاولات النقد لضبط المنطق والقوانين المورفولوجية للشخصية الروائية في فضائها الإنساني، أي فيما يسميه باختين بصورة الإنسان IMAGE de l'homme في اتصاله بالحدث الآني غير التام".
الشخصيات في اللص والكلاب
تدور أحداث هذه القصة كما سطرها الكاتب في مصر ، وهي تشكل رمزا إلى الطبقية هناك في تلك الفترة ، فحديث "سعيد مهران" عن شرعية اللصوصية من الأغنياء يبين قيام الطبقية في تلك الفترة كما هي في كل زمان ، وأيضا في حديثه عن اللصوص الكبار " الأغنياء " واللصوص الصغار سعيد مهران ومن في زمرته . وتمثل الطبقية الدافع الثاني للانتقام بعد الدافع الأول وهي شخصية المرأة الممثلة ب " نبوية" .
- يمثل رؤوف علوان ذلك النموذج الصارخ للطبقة البرجوازية ، المتخلية عن الأصل الفقير لها ولبيئتها والذي انتقل من حياة الفقر إلى الغنى .
• علوان يمثل الرجل المتغير من ناحية المبادئ ، فمن موالاة اللصوصية وبيان شرعيتها وطلبه من مهران أن يكون لها عملا منظما وأنها بذاك يجب أن تكون ، إلى أن أصبح علوان من أعداء اللصوصية فيعاديها بمقالاته وفكره وقلمه أيضا .
• المرأة في حال خيانتها كما في هذه الرواية هي السبب الأول في الانتقام إذ أن الخيانة كان لها وقع كبير في نفس البطل حال خروجه من السجن ، فهذا الانتقام كان أول ما يريده حال خروجه من السجن لا كما قال بشكل ساخر في بداية الرواية انه يرمي للتسوية!.
شخصية سعيد مهران تمثل الرجل المجازف في نفسه في سبيل دحض الظلم ، فمن الامتهان للسرقة في سبيل تحقيق العدالة من طبقة الأغنياء إلى الانتقام ممن خانوه من برجوازيين " علوان " أو ممن خانه مع زوجه ، غير أنه في المقابل شخصية تمثل الطموح في الحياة الكريمة بعد نيل الانتقام والممثل بالهرب خارجا هو ومن أحب " نور "
المجتمع كما في الرواية : تبين فيه الطبقية ، فهناك طبقة الأغنياء الممثلة بأصحاب القصور ، وهناك البرجوازية والممثلة بعلوان وأخيرا الطبقة الفقيرة المتخذة لمهنة اللصوصية أداة لكسب العيش في اعتبارها حقا مشروعا يمارس ضد الأغنياء .
الدين ، وجد في الرواية الجانب الديني الممثل بالشيخ ذو حلقات الذكر ، وهو هنا الملجأ في أصعب الظروف وأحلك المواقف وقد كان يمثل دور الحاضن أيضا للصعاليك المشردين ، فعلاوة على تأمين المأوى فهو يؤمن – في أغلب الأحيان – الطعمة لهم ، وكأنه يمثل حضانة للصوصية وتشريعا لاذعا وغريبا للسرقة ..............
‌- الكلاب في رواية اللص والكلاب ترمز إلى قوى الشر والخيانة والغدر مثل رؤوف علوان وعليش ونبوية وابنته والسلطة.
‌- تنطبق هذه الأسماء على مسمياتها سلبا:
- سعيد مهران لم يكن سعيداً بل كان تعيسا يعاني من المشاكل الكثيرة كما لم يكن مهران حيث فشل في قتل الكلاب.
- رؤوف علوان – لم يكن رؤوفا في النهاية حيث أثار الرأي العام ضد سعيد مهران مع العلم أنه شجع سعيد مهران في البداية على السرقة ولكنة يعود ليتنكر له الآن بعد أن خرج من السجن.
- نور تمثل النور في حياة سعيد مهران ولكنها بالمقابل تحترف البغاء وهي فتاة ليل.
النهاية: الفشل والاستسلام بعد أن طوقته الكلاب الحقيقية.
الفكرة المركزية قد تكون: تحقق العدالة أو تحقق الذات من خلال الانتقام، أو إقامة التوازن بين الروح والجسد... وقد فشل سعيد في تحقيق ذلك كله، بسبب لجوئه إلي الحل الفردي، ولأن الانتقام وحده يعمي عن رؤية كافة الأبعاد، ولأنه لم يعط القيمة الروحية دورها الذي تستحقه.
أطراف الصراع: الطرف 1 – سعيد مهران، نور، علي الجندي ╪. الطرف 2– عليش ورؤوف علوان وزوجة سعيد مهران والسلطة
أسبابه: المعركة مع عليش، محاولة قتل رؤوف، الصراع مع السلطة.
‌- الشخصية: رؤوف علوان، علاقة سعيد مهران بهذه الشخصية علاقة التابع بالمتبوع.
← عملا معا وآمنا بنفس المبادئ وانتميا إلى نفس التيار السياسي وكانت تربطهما صداقة أكثر من علاقة العمل والزمالة وفي النهاية اكتشف سعيد أن علوان تنكر لمبادئه وهذا التنكر دفعه إلى محاولة الانتقام التي انتهت بالفشل.
- من أهم وظائف الحوار الداخلي:
_ استعادة الماضي الذي عاشه سعيد مهران قبل دخوله إلى السجن، وهذا يشكل خلفيه أساسية لفهم أحداث الرواية فيما بعد.
_ المقارنة بواسطة المونولوج يقارن مهران بين ماضيه وحالته الراهنة وأيضا حاضر الشخصيات، يعطي للقارئ معلومات إضافية كافية عنه وعن الشخصيات. ـــ اتخاذ قرارات مستقبلية.
_ عتاب مباشر وحاد يوجهه إلى "علوان" يشير الحوار إلى أن "سعيد" نفسه، وهذا يدل على غياب الصلة بينه وبين غيره من الشخصيات ويظهر ضعفه وتذلله. ـــ إخفاء نوع من الصدق حيث يتحدث الإنسان مع نفسه بصراحة.
أ- الحدث المركزي: التقاء "سعيد " صديقه "عليش" بعد خروجه من السجن ومحاولة لم الشمل للعائلة من جديد، وهذه محاولة لم تنجح فابنته لم تعرفه وزوجته تزوجت من غيره. ومع فشل محاولة لم الشمل بدأت الأحداث بنيّة سعيد مهران بالانتقام والمحاولات المتكررة الفاشلة وهكذا حتى وصل إلى النهاية المأساوية _ خضوعه للشرطة والكلاب.
‌ب- (الآخر) هو "نداء الدم والروح" وتشير كلمة الآخر إلى خيانة أخرى، من نوع آخر وكانت قد أشغلته وهي خيانة الصداقة والمبادئ التي نشأ عليها.
أوجه الخيانة: الخيانة الأولى: خيانة عامة، على الصعيد العام، فكرية (خيانة الأصدقاء والمبادئ). الخيانة الأخرى: خيانة خاصة على الصعيد الخاص (شخصيه، ذاتيه خيانة نفسه لرابط الدم والروح/ خيانة الابنة وأمها لرابطة الدم والروح)
طرفا الخيانة هما: هو خان رابطة الدم والروح (تجاه ابنته وزوجته)، الأم والابنة خانتا رابطة الدم والروح (العلاقة تجاه الأب).
ج- على الطالب أن يذكر اثنين من ميزات المونولوج مثل: المزج بين الضمائر، التداعي المعنوي، أسئلة بلاغية وأسئلة تعبر عن اضطراب، جمل قصيرة. (مع إعطاء أمثلة من النص الوارد).

د- الشخصية الرئيسية في رواية اللص والكلاب:
سعيد مهران في رواية "اللص والكلاب " شخصية متأزمة تعيش مأزقا مصيريا، إنها تذكرنا بالبطل الإشكالي اللوكاشي والگولدماني. يحمل البطل قيما أصيلة يحاول أن يغرسها في المجتمع الذي يعيش فيه إلا أنه يصاب بالخيبة والفشل عندما يحتك بواقعه المنحط الذي تسوده القيم الكمية الزائفة والوساطة المادية التبادلية. ولم يستطع تغيير واقعه على الرغم من محاولاته الخاطئة التي كانت تصيب الأبرياء فقط دون أعدائه. إن سعيد مهران لم يستطع أن ينجز الأفكار والمبادئ التي كان يؤمن بها والتي تعلمها من رؤوف علوان؛ لأن الواقع كان مهترئا تسوده السلبية المتدهورة ، كما أن هذا الواقع الذي يحاول أن يفجر فيه سعيد مهران أفعاله هو واقع غير مكتمل وغير منجز، تعبث به أيدي الإجرام والخيانة والغدر.
يصور نجيب محفوظ شخصيته الأساسية في الرواية باعتبارها شخصية مأساوية على عتبة القرار الأخير في لحظة الأزمة وفي لحظة انعطاف فعلها نحو اللاجدوى واللافعل أو نحو فعل غير منجز وغير محسوب.
هذا، وتصور رواية اللص والكلاب شخصية سعيد مهران بأنه لص خرج من السجن صيفا بعد أن قضى به أربعة أعوام غدرا لينتقم من الذين اغتنوا على حساب الآخرين، وزيفوا المبادئ، وداسوا على القيم الأصيلة مثل: رؤوف علوان وعليش سدره ونبوية لكي يجعل من الحياة معنى بدلا من العبثية ولا جدواها. وهكذا قرر أن ينتقم من هؤلاء الكلاب إلا أن محاولاته كانت كلها عابثة تصيب الأبرياء وينجو منها الأعداء مما زاد الطين بلة. فصارت الحياة عبثا بلا معنى ولاهدف ، ولقي مصيره النهائي في نهاية الرواية بنوع من اللامبالاة وعدم الاكتراث:" ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضعا، ولا غاية وجاهد بكل قسوة ليسيطر على شيء ما ليبذل مقاومة أخيرة، ليظفر عبثا بذكرى مستعصية، وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام،فاستسلم بلا مبالاة...بلامبالاة".
تتموقع هذه الصورة الروائية الدرامية - سياقيا -عندما حوصر سعيد مهران من قبل المخبرين والكلاب في آخر نهاية الرواية. فهذه الصورة الروائية ذات قاموس وجودي تتمثل في الكلمات الآتية: غاية، عبث، بلا مبالاة، لم يعرف وضعا ولا موضعا. إنها تؤكد مدى سيزيفية شخصية سعيد مهران التي أصيبت بالخيبة عندما انهارت قيم المجتمع ومبادئه الأصيلة. وتوصف شخصية الرواية الرئيسية بأنها شخصية متأزمة متوترة تعيش فضاء العتبة، فضاء القلق والتردد والتمزق بين الذات والموضوع. إنها شخصية مغلقة لاوجود لها، مصيرها عبث بدون كينونة حقيقية، ولامكان لها ولاهدف، إنها حياة بلا طعم ولا لذة. وذهبت محاولات سعيد مهران كلها سدى، لم تستطع أن تجعل من الحياة هدفا ذا معنى. فلم تكن مقاومته في الأخير إلا عملا غير منجز وغير مكتمل، انتهى بالموت والمصير المحتوم. لذلك ارتضى بطل الرواية سبيل الاستسلام والموت الرخيص مادامت الحياة عبارة عن لامبالاة. ولقد كرر السارد هذه الكلمة تأكيدا على عبثية الحياة وعدم استحقاقها لأن تعاش، مادامت القيم الكيفية أصبحت قيما منحطة ومشيأة:" وأخيرا جاءت الكلاب وانقطع الأمل، ونجا الأوغاد ولو إلى حين، وقالت الحياة كلمتها الأخيرة بأنها عبث ومن المستحيل تحديد مصدر النباح الذي ينطلق مع الهواء في كل موقع وألا أمل في الهروب من الظلام بالجري في الظلام، نجا الأوغاد وحياتك عبث"
يتسم المعجم اللغوي في هذه الصورة الروائية بالطاقة الرمزية والشحنة الإيمائية والكنائية. فالكلاب هنا رمز للخونة والانتهازيين الذين غدروا بسعيد مهران وداسوا على المبادئ التي كانوا ينادون بها كالحرية والعدالة الاجتماعية ولاسيما رؤوف علوان وزوجته نبوية التي غدرت به وتزوجت عليش سدره .أما كلمة الأوغاد فهي دلالة على اللصوص الحقيقيين الذين خانوا العهد وفرطوا في القيم الأصيلة التي كانوا يتشدقون بها. أما الظلام فيتضمن بعدين: بعدا مرجعيا وبعدا رمزيا، فهناك الظلام باعتباره مؤشرا على سوداوية الفضاء وتأزمه، والظلام بالمفهوم الكنائي يعني الظلم الاجتماعي والسياسي وضغط الحكومة وجور سلطتها وانتهازية أعوانها . وتصور هذه الصورة مأزقية الشخصية الروائية (سعيد مهران) عندما ووجهت من كل مكان من قبل الشياطين الآدمية وقوى الكم والإحباط ، وخصوصا أن سياق الصورة يتموقع عندما بدأت الكلاب سواء أكانت حقيقية أم مجازا تتبع آثار اللص الذي اختفى في الظلام بين القبور، هذا الفضاء الذي يؤشر على الموت والنهاية التراجيدية، ولكن هذه النهاية بلا أمل ولا غاية.
أما على المستوى البلاغي، فالسارد يعمد إلى تشخيص الموقف عبر تأزيمه عندما جعل الحياة تحكم على إنجازات سعيد مهران بالفشل والعبثية لأنها إنجازات غير مكتملة ،وبالتالي لم تحقق معناها في هذا العالم غير المكتمل ،كما ساهمت هذه الاستعارات الروائية في مأساوية الموقف ودراميته عندما كررت الحياة حكمها على لسان السارد بأنها عبث. كما وظف نجيب محفوظ تقنية الالتفات وذلك عندما تحدث عن نجاة الأوغاد ، وأن الحياة قالت كلمتها الأخيرة بأن حياة سعيد مهران عبث، والتفت بعد ذلك إلى نباح الكلاب لتحديد مصدرها. ومن ثم، انتقل من الغياب إلى الخطاب، ليلتفت إلى شخصية مهران رغبة في تأكيد عبثية حياته. وهذا الالتفات على مستوى التلقي له وظائف جمالية عدة من بينها: التشويق؛ لأن القارئ ينتظر نهاية الشخصية واندحارها وذوبانها بعد أن تحاصرها الكلاب. إلا أن السارد قبل أن يحدد هذا الحصار، يوقف القارئ إلى عبثية الشخصية، ثم يعود إلى تأكيد الحصار وتعدد مصادر نباح الكلاب، ويعود في الأخير ليؤكد عبثية حياة سعيد مهران ولا جدواها:" وصاح صوت وقور:
- سلم، وأعدك بأنك ستعامل بإنسانية.
- كإنسانية رؤوف ونبوية وعليش والكلاب!(....)
- - حسن ماذا تنوي؟ اختر بين الموت وبين الوقوف أمام العدالة.
- فصرخ بازدراء:
- - العدالة!
- أنت عنيد، أمامك دقيقة واحدة...
ورأت عيناه المعذبتان بالخوف شبح الموت يشق الظلام".
في هذه الصورة الروائية، يتم تصوير موقف الحصار وتأزيمه عبر توتر الأحداث ودراميتها باعتباره سياقا للصورة. يطلب أصحاب القرار والسلطة من سعيد مهران أن يسلم نفسه وأنه سوف يعامل بإنسانية؛ بيد أن سعيد مهران سفه عبر المناجاة الداخلية والمنولوج من خلال حوار الذات المتأزمة منطق تلك الإنسانية . وإن علامة التعجب التي استخدمها الكاتب أيقونيا دلالة على الاستهزاء والسخرية والتهكم من مفاهيم الواقع المتعفن وتصوراته الإيديولوجية المستلبة . إن الإنسانية في هذه الصورة الروائية مكثفة بالترميز والإيحاء الذي يلمح إلى التفكير البراجماتي القائم على المصلحة والمنفعة.
إن سعيد مهران كما يتضح من خلال الصور الروائية الجزئية والبناء الكلي لدلالة العمل رمز للوطنية الصادقة والروح الشعبية الحقيقية والنضال الاجتماعي المستميت من أجل المبادئ والقيم الأصيلة. وقد كان بمثابة نبراس يستضيء به الكثيرون من أبناء الشعب الكادح والمقهور في حياتهم التي يسودها النفاق الاجتماعي والابتزاز اللامشروع باسم النضال. إن شخصية سعيد مهران لهي شخصية متمردة عن قيم المجتمع ومبادئه الزائفة التي طالما دنست كرامة الإنسان وأنفته.
و لايسعنا في آخر هذا المبحث إلا أن نؤكد بأن صورة الشخصية لايمكن أخذها مأخذا جماليا وفنيا إلا في إطارها الإنساني وسياقها الجزئي والكلي عبر مستوياتها الخمس: قواعد الجنس والطاقة اللغوية والطاقة البلاغية والمستوى الذهني والسياق النصي.
وهكذا اهتدينا في مبحثنا إلى إثارة الانتباه إلى أهمية الصورة الروائية وضرورتها في كل عملية تحليلية يمكن" أن يخضع لها نص روائي، مبرزا فعاليتها الجمالية في التكوين النصي، ولقد ترتب عن تبني الصورة الروائية باعتبارها مكونا بلاغيا جديدا ضرورة استثمار مكونات وسمات روائية قلما استغلت طاقاتها في مجال التحليل الروائي كالامتداد والتوتر والتكثيف والدينامية والصور الذهنية والجزئية والكلية".
وبناء على ماسبق، لابد أثناء مقاربة الصورة الروائية للشخصية من مراعاة خصوصيات التجنيس الروائي السردي، وتجاوز مفاهيم الشعر ومصطلحاته الإجرائية إلى التسلح بمفاهيم مستمدة من جنس الرواية بصفة خاصة وفن السرد بصفة عامة.
وهكذا نؤكد مطمئنين أن الصورة الروائية لقراءة جادة ومعاصرة في مقاربة النصوص الروائية في أبعادها الجمالية والأسلوبية والإنسانية والبلاغية عبر سياقاتها الذهنية والخارجية والنصية.

4- الفضاء الروائي:
يرصد نجيب محفوظ في هذه الرواية الفلسفية العبثية مدينة القاهرة بفضاءاتها المتناقضة إبان المرحلة الاشتراكية الناصرية في سنوات عقد الخمسين وسنوات عقد الستين حيث كانت تتميز بالتفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي.
فيعد انتهاء المرحلة الملكية ونفي الملك فاروق إلى إيطاليا، تولى الضباط الأحرار حكم مصر ونهجوا السياسة الثورية الاشتراكية. بيد أن الشعارات التي كانوا يدعون إليها شعارات زائفة لا تعبر إلا عن الممارسة الأرستقراطية الحقيقية.