قصة قصيرة جدا
الفضيحة كبيرة جدا. وقعت بالصدفة. نعم بالصدفة. لأن الصدفة حق. فكم من ماكر أصبح برلمانيا بالصدفة. و كم من امي ترأس غرفة من غرف البلاد بالصدفة. و كم من حرامي قاد نقابة بالصدفة. و كم جلاد أصبح يسير حزبا سياسيا بالصدفة...ألخ الصدف.
صدف الإثراء الفاحش بالنهب و السرقة. و مادامت الصدفة خير من ألف ميعاد، فقد التقيت صاحبي صدفة. كان يهم بالخروج من مصرف المغرب بالدار البيضاء. أوقفته ثم حييته بما لم يحييه به غيري. سألته: ما هذا الذي تحمل على كتفك أيها الرفيق؟ قال إنه فقط كيس من البلاستيك الأسود. و ماذا بداخله؟ قال: فقط جزء من مستقبلي و مستقبل وليداتي. لكن البلاستيك الأسود ممنوع منذ مدة أيها الرفيق؟ نعم أعرف ذلك. فقد احتفظت به منذ مدة استعدادا لهذا اليوم التاريخي من حياتي. و هل لك أن تحدثني عن ما أسميته بالمستقبل؟ لا أخفيك سرا أيها الرفيق الخصم. إنها الحبة. يعني حبة من كل منخرط. و حبة على حبة تصبح سنبلة. و سنبلة على سنبلة تصبح نادر. و النادر يحتاج إلى من يدرس و يصفي و يملأ الكيس. هذه هي المهمة التي أوكلت إلى بين مؤتمرين. أنا لست مناضلا. انا ضحية. ضحية الصدف الماكرة. فبعدما كنت درويش داخل سوق راسي، أصبحت برلمانيا بالصدفة، و احد القادة البارزين في النقابة بالصدفة. أخطب في الناس بالصدفة. لا يهم ان يكون كلامي صدقا أم كدبا. المهم هو الكلام الغليظ. و الأساسي بالنسبة لي كان هو الاحتفاظ بالبلاستيك الأسود تحسبا للظروف السوداء.
و بما انني اكره الشفافية فقد رفضت أن ألملم أوراق الحبة في البلاستيك الأبيض لأنه شفاف. اعوذ بالله من الشفافية. و ما دامت بطاقات الانخراط أمانة في عنقي فإنني أحمل في هذا البلاستيك ما يناهز "أربعون ألف بطاقة". لما سمعت هذا الرقم الضخم صفعته على وجهه و صفعته ثم صفعته حتى سقط الكيس أرضا. خرج مسؤول عن الوكالة فاستنجد به صاحبي قائلا: هذا الفضولي أراد أن يسرق مني رزقي. معمر القدافي جمع رزقه زنكة زنكة و أنا جمعته حبة حبة. لقد اخترت البلاستيك الأسود لأنه معتم و مع ذلك اكتشفني هذا الفضولي. أبعدوه عني، أبعدوه عني. اجتمع القوم. حاولوا ابعادي. ركلته ركلة أخيرة. كانت قوية سقط على اترها أرضا فمد يده إلى كيس البلاستيك و ضمه إلى صدره و هو يبكي و يردد: حبة حبة – زنكة زنكة. ضحك القوم دفعة واحدة. و صل صوت الضحك المختلط ببكاء الحرامي إلى مسمعي. تألمت فأيقظني الألم من النوم و العرق يتصبب من جبيني. أعوذ بالله من الحرامي الرجيم..... حلم مزعج.
محمد كرميم