الحرب العالمية الثانية:
الأسباب والنتائج

مقدمة:
أسفرت تناقضات فترة ما بعد الحرب العالمية 1، والأزمة الاقتصادية الكبرى، وتصاعد المد الفاشي، عن توتر العلاقات الدولية. انتهت باندلاع الحرب العالمية الثانية 1939، استمرت مجرياتها إلى 1945.
ما الأسباب التي أدت إلى هذه الحرب؟
ما حصيلتها العامة؟
I. أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية ومراحلها الكبرى:
1. تعددت أسباب الحرب الثانية:
o قساوة معاهدات الصلح: فرض الحلفاء على الدول المنهزمة معاهدات للصلح تضمنت شروطا قاسية(عقوبات مالية وترابية وعسكرية) (سلم مفروض) خصوصا معاهدة فرساي مع ألمانيا، التي دفعت النظام النازي إلى الرغبة في الانتقام وإعادة الاعتبار للشعب الألمان بنهج سياسة المجال الحيوي للتوسع.
o دور الأزمة الاقتصادية: أثرت هذه الأزمة على أوضاع أوربا وسياسيا، وذلك بإضعاف الأنظمة الديمقراطية، وبروز أنظمة ديكتاتورية رغبت في التوسع لحل أزماتها؛ مما أدى إلى توتر العلاقات الدولية.
o دور السياسة التوسعية للأنظمة الديكتاتورية: مع بداية الثلاثينات شرعت كل من اليابان، وإيطاليا وألمانيا في التوسع، فنهجت سياسة توسعية مبنية على التسلح وإنشاء الأحلاف العسكرية (حلف المحور)، وخرق المعاهدات المفروضة عقب الحرب، والانسحاب من عصبة الأمم.
هجم الجيش الياباني على إقليم منشوريا بالصين 1931، واحتلت إيطالبا الحبشة سنة 1935، واحتلت ألمانيا النمسا (الأنشلوس) ، ثم ضمت إقليم السوديت بتشيكوسلوفاكيا1938، وتوجهت نحو بولونبا مما أدى إلى قيام ح ع 2.
o الدور السلبي لعصبة الأمم: عجزت اليابان عن حل الأزمات الدولية، والوقوف ضد توسع الأنظمة الديكتاتورية، وزاد من ضعفها انسحاب عدة دول منها (و م أ)، مما زاد في تأزيم العلاقات الدولية.


2. مرت الحرب العالمية الثانية بعدة مراحل:
* تمكنت دول المحور من تحيق عدة انتصارات في المرحلة الأولى من الحرب:
توزعت الحرب على عدة جبهات:
o جبهة أوربا الغربية: اعتمدت ألمانيا أسلوب الحرب الخاطفة، فاحتلت أجزاء من فرنسا وأوربا الغربية والشمالية وقصفت المدن الانجليزية (لندن).
o جبهة البحر الأبيض المتوسط: احتلت إيطاليا ألبانيا، ودخلت ألمانيا إلى يوغوسلافيا واليونان، وطرد الانجليز الايطاليين من مصر.
o الجبهة السوفياتية: هاجمت ألمانيا التراب السوفياتي سنة 1941، فواجهتها مقاومة عنيفة للجيش الأحمر.
o جبهة المحيط الهادي: احتلت اليابان الهند الصينية وهاجمت طائراتها قاعدة بيرل هاربور الأمريكية. فأعلنت و م أ الحرب على اليابان لتعلن ألمانيا وإيطالبا الحرب على و م أ واحتلت اليابان نصف المحيط الهادي.
* تميزت المرحلة الثانية بانتصار لدول الحلفاء:
o جبهة البحر الابيض المتوسط : طرد الانجليز القوات الايطالية والألمانية من مصر، ونزلت القوات الأمريكية بالدار البيضاء، الجزائر، وهران، وسيطرت على تونس، ومنها احتلوا إيطاليا.
o جبهة أوربا الغربية والجبهة السوفياتية: حرر الحلفاء فرنسا، وغزوا ألمانيا من الجنوب والغرب ودخل الروس إلى ألمانيا حتى برلين.
o جبهة المحيط الهادي: سيطرت و م أ على المحيط الهادي وألقت على اليابان قنب ل تين نوويتين (نكازاكي وهيروشيما).. استسلام اليابان 1945.
II. نتائج الحرب العالمية الثانية:
1. خلفت الحرب خسائر بشرية ومادية جسيمة:
• بشريا: ارتفع عدد القتلى (مدنيين وعسكريين) في صفوف الدول المتحاربة في مقدمتها الاتحاد السوفياتي، ألمانيا، بولونيا؛ وهمت بالخصوص الفئة النشيطة، مما أدى إلى نقص في اليد العاملة الحيوية، وارتفاع عدد الشيوخ، وبالتالي خروج المرأة إلى العمل، إلى جانب ارتفاع معدل الإعالة.
• ماديا: تخريب كبير للمزارع والمصانع، وتدمير البنيات التحتية (طرق مطارات موانئ...) فانعكس ذلك سلبا على الفلاحة والصناعة وتدهورت التجارة، وتراجع الناتج الوطني الإجمالي بشكل كبير. مما أدى إلى تدني مستوى المعيشة.


2. غيرت النتائج السياسية خريطة أوربا والعالم، وطبيعة العلاقات الدولية:
• خريطة سياسية جديدة لأوربا غداة الحرب:
- ضم عدة أراضي من أوربا الشرقية لمصلحة الاتحاد السوفياتي الذي نجح في نشر الشيوعية هناك.
- ضم أراض جديدة إلى كل من بولونيا ويوغسلافيا وفرنسا التي استردت إقليمي الألزاس واللورين.
- قسمت ألمانيا إلى أربع مناطق نفوذ خاضعة للدول العظمى (إنجلترا، فرنسا، و م أ، الاتحاد السوفياتي ونفس التقسيم خضعت له النمسا ومدينتا برلين وفيينا)
• تأسيس هيئة الأمم المتحدة:
جاءت بديلة لعصبة الأمم سنة 1945، من أهم أهدافها: تجنب قيام حرب عالمية أخرى من خلال الحفاظ على السلم والأمن العالميين، الدفاع عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، تفعيل مسلسل التنمية الاجتماعية والاقتصادية لكافة شعوب العالم.
• بروز قوتين جديدتين لقيادة العالم:
انقسم العام عقب الحرب إلى معسكرين متناقضين سياسيا، اقتصاديا، إيديولوجيا واجتماعيا، هما: المعسكر الغربي الرأسمالي بزعامة و م أ ودول أوربا الغربية. والمعسكر الشرقي الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفياتي ودول أوربا الشرقية، مما أدى إلى توتر العلاقات الدولية (الحرب الباردة) من أهم سماتها: السباق نحو التسلح، تكوين الأحلاف العسكرية، الصراع حول مناطق النفوذ، كاد هذا التوتر أن يشعل فتيل حرب عالمية أخرى.
خلاصة:
تكتسي الحرب العالمية أهميتها كحدث حاسم في تاريخ العالم المعاصر من خلال حصيلتها العامة، التي طبعت بعمق مسار الانسانية سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وعلى مستوى العلاقات الدولية إلى حين انهيار الشيوعية وبروز نظام عالمي جديد.