منتخبنا الذي ينهزم بشرف


ذ. الكبير الداديسي
جرت العادة ألا يناقش الإنسان أسباب النجاح ، لكنه يستفيض في نقاش أسباب الفشل ، فيختلق المبررات ، ويبحث عن أكباش الفداء يلقي عليها مسؤولية فشله ، وفي ميدان كرة القدم غالبا ما يكون كبش الفداء السهل هو المدرب ، فتتعالى أصوات تنادي بإقالته عقب كل كبوة أو إقصاء ، هكذا وتوالى على تدريب فريقنا الوطني العشرات من الأطر الأجنبية والوطنية في السنوات الأخيرة في وقت نسمع عن مدربين قضوا مع أندية أو منتخبات سنوات طوال رغم السنوات العجاف التي مرت بها تلك المنتخبات أو الأندية مناسبة هذا الكلام خروج منتخبنا الأول من الدور الأول في منافسات كأس أمم إفريقيا التي تحتضنها جنوب إفريقيا ، هذا الخروج المبكر استنبطنا منه ملاحظات أهمها :
ــ تعاطف المغاربة مع المدرب الوطني ، ففي الوقت الذي صب المغاربة جام غضبهم على المدربين الأجانب الذين أقصي معهم المنتخب في الدور الأول ( كيريتس ، هونري ميشال ، روجي لومير . كويليو .. ) وجد المغاربة عبارة ( انهزمنا بشرف ) للتعبير عن الخيبة ودعم الإطار الوطني لما لهذه العبارة من دلالة سحرية تجمع بين النقيضين قادرة على جبر خواطر المغاربة المنكسرة ، وهي عبارة وجدت فيها المغاربة على مختلف أجيالهم قراءة للمشاركات المغربية في مختلف التظاهرات القارية و الدولية فقد انهزمنا وخرجنا بشرف لا فرق في ذلك بين خروج منتخب 1986 من نصف نهاية مصر أومن الدور الثاني لكأس العالم ، أو خروج الرجاء من الدور الأول لكاس العالم للأندية ... أو بين خروج المنتخب من الدور الأول في الدورات الثلاث لكأس أمم إفريقيا... ففي جميع الحالات خرجنا وتم إقصاؤنا ولم نستطع الوصول إلى منصة التتويج ....
ـ تخلف كرتنا وتقدم منتخبات القارة السمراء: إن المطلع على تاريخ كرة القدم الإفريقية يلاحظ التطور الهائل الذي عرفته منتخبات الساحل وجنوب الصحراء فإلى عهد قريب كانت منتخبات شمال إفريقيا لا تجد عناء في هزم منتخبات مثل الطوغو ، بوركينا فاسو ، سيراليون ، مالي بوتسوانا ... وغيرها من الفرق بحصص ثقيلة ، لكن الواقع اليوم يؤكد أن المنتخبات الإفريقية أصبحت متقاربة في العطاء مع تراجع نسبي لمنتخبنا ، وكأن هذه المنتخبات عرفة قفزة نوعية فيما ظل منتخبنا في مكانه وربما تراجع من حيث البنية واللياقة الجسدية إذ يكاد يبدو منتخبنا أمام منتخبات إفريقيا كما لو كان منتخبا للشبان أو الكتاكيت إذا ما نظرنا إلى بنية لاعبين كالقديوي ، والشافني .ووضعناها أمام بنية لاعبي الكوت ديفوار وغانا ...
التخلص من مسح الهزيمة في التحكيم ، والملاعب ....: غالبا ما كان الإعلام المغربي يشنف أسماعنا وهو يناقش مبررات الفشل بتعليق فشلنا على المناخ ( الحراة المرتفعة ، الرطوبة ...) أو على حكام إفريقيا الذين كانوا في نظر إعلامنا يستهدفون المغرب دون سواه من المنتخبات فيحرمون منتخبنا من ضربات الجزاء الحقيقية ،ويقدمون للخصوم ضربات جزاء وهمية ...، أو على أرضية الملاعب التي كانوا يصفونها بقولهم ( صالحة لكل شيء إلا لأجراء مباراة في كرة القدم ) .... لكن يبدو اليوم أن التقدم الذي عرفته الكرة الإفريقية لم تدع لإعلامنا ( الرسمي على الأقل ) فرصة تحميل الآخرين سبب هزائمنا فلم يتجرأ أحد على الحديث عن أرضية الملاعب ولا عن التحكيم
إن عبارة الانهزام بشرف هي العبارة الأنسب لمعظم مشاركات فرقنا ومنتخباتنا ، كانت مشاركاتنا الأولميبة مخيبة ، وكان إقصاء فرقنا من المشاركة في الكؤوس الإفريقية مبكرا ، وكان اإقصاؤنا من المشاركة في كأس العالم في الدورات الأخيرة ... وفي كل مرة يكون إقصاؤنا في اللحظات الأخيرة بعدما كانت الآمال عريضة ، فلا يجد المغاربة لإقناع الذات إلا انهزمنا بشرف سمعناها في كل مشاركاتنا في كأس العالم ،
فمتى يقتنع المغاربة أن الهزيمة هزيمة ، والإقصاء إقصاء ، لا فرق فيهما إذا كان بشرف أو بإذلال ، فالتاريخ لا يسجل إلا النتائج ، وقلما التفت الناس للميزة التي كانت بها النتيجة كل ما هو مسجل في تاريخ كرتنا لقب يتيم رغم المشاركة في 22 دورة فشلنا في التأهل للنهائيات سبع مرات. والمرات التي تأهلنا فيها لم نتجاوز الدور الأول في ثماني مرات منها أربع مرات متتابعة في المشاركات الأخيرة أي ما يعادل حوالي 60 % من مشاركاتنا لم نتجاوز فيها الدور الأول ، فنتائجنا في الكان ضعيفة ، وكل مرة نردد انهزمنا بشرف ، فمتى نحقق لقبا آخر ولو بأقبح النعوت فخير أن يقال المغرب بطل إفريقيا بكل النعوت القبيحة من أن يقال انسحب المغرب من الدور الأول أو لم يتأهل بشرف