سلسلة مقالات يكتبها ذ. الداديسي عن رمضان والمغاربة
الحلقة الأولى
رمضان يربك السياحة ويطيح بشهر غشت
بقلم ذ. الكبير الداديسي
اعتاد المغاربة أن يجعلوا من فصل هذه هي السنة الثالثة التي يصادف فيها شهر رمضان العطلة الصيفية ، وإلى عهد قريب كان شهر غشت يتربع على عرش السياحة المغربية فتتحطم فيه كل ألأرقام القياسية من حيث ليالي المبيت بالفنادق وعدد الزوار للمنتجعات السياحية الساحلية والجبلية ، ومهرجانات المدن ، والأعراس وحفلات الزواج والختان ..وحركة دخول وخروج أفراد الجالية المغربية . وحركة الاستقبال بالمطارات والموانئ ...
كان الفرد عندما يزور أي مدينة شاطئية أو أي مدينة سياحية بالأطلس خلال شهر غشت يكاد يضجر من كثرة الحركة ، ويصيبه التعب وهو يبحث عن مكان لركن سيارته . ويغشاه الملل وهو ينتظر النادل في المقهى أو المطعم يقدم له وجبة أو شرابا ..
خلال شهر غشت كانت تنتعش الحركة السياحية ، ويرتفع ثمن كراء المنازل .. و يشتغل عدد من التلاميذ والطلبة في عدة مهن موسمية كمساعدة الوقاية المدنية (معلمي السباحة) وحراسة السيارات ، ومساعدة أصحاب المقاهي والمطاعم التي تكتظ بالزوار ..وتنشط حركة الممونين والنكافات والنقاشات وبائعي الأكلات السريعة ....
لكن مصادفة شهر رمضان هذه السنة لشهر غشت أسقط هذا الشهر من برجه العاجي وتربعه على هرم السياحة المغربية فيحول معظم المنتجعات لأطلال ومدن أشباح شبه خالية : فالشواطئ التي كانت وسط النهار تعج بالأجسام العارية تعرض مفاتنها الرجولية أو الأنثوية تتلذذ بلسعات الشمس اللافحة ، باحثة عن سمر مفقودة طيلة السنة .. هذه الشواطئ أصبحت تبدو كالبيداء لا أثر فيها لحركة الإنسان سوى بعض النصارى الذين استغلوا هذا الشهر لشحن أجسادهم بالحرارة والتمتع بالبحر والشمس ... وقد تدب بعض الحركة في جسم بعض الشواطئ القريبة من المدن قبيل الإفطار ببعض الشبان الذين يمارسون كرة القدم أو بعض الأنشطة الرياضية الأخرى لكن لا اثر لكل أولئك الذين كانوا يسترزقون ببيع المثلجات والمرطبات والباعة المتجولون من الشباب الذين يبيعون بعض المأكولات الشاطئية ، أو بعض لعب الأطفال أو الشمسيات ...
أما إذا حدث وزار الفرد مدينة جبلية فسيكتشف تأثير شهر رمضان في اليوم على القطاع السياحي : وتكفي زيارة سريعة لعين سيدي حرازم نواحي فاس التي كان كل هم زوارها هو شرب أكبر قدر ممكن من الماء ..أو عين أسردون ببني ملال أو شلالات أوزود بإقليم أزيلال ... لتتجلى له صورة هذا التأثير فالأمكنة شبه قاحلة وأماكن الاصطياف شبه خالية إلا من بعض الأجساد المتعبة الملقاة على ضفاف المنابع المائية بعيون مجهدة وقوى خائرة وأجسام أنهكتها الحرارة وأتعبها الجوع والعطش فبدت كثمار متعفنة سقطت من شجرة الحياة ... ليستحضر الزائر صورة هذه المنتزهات في نفس الشهر من السنين الماضية حيث المكان وقد اصطفت في حنباته الطواجن على المجامر وروائح ودخان الشواء يجذبان أمعاء الجائعين ...
إن شهر رمضان أنسى المغاربة والمسلمين أن هذا الشهر ( شهر غشت ) شهر السياحة بامتياز، رافعا شعار لا زواج لا ختان في هذا الشهر الكريم ، وبعد رمضان يأتي عيد الفطر والدخول المدرسي وبذلك سيكون لشهر رمضان الكريم تأثير كبير على الموسم السياحي وعائدات السياحة الداخلية والخارجية ...والأكيد أن نفس السيناريو سيتكرر في السنوات القليلة المقبلة لذلك يتوجب على المشرفين على القطاع السياحي التفكير في تحويل ذروة الموسم السياحي لفصل الربيع بدل فصل الصيف إلى حين ابتعاد شهر رمضان المعظم عن موسم الصيف
الحلقة الأولى
رمضان يربك السياحة ويطيح بشهر غشت
بقلم ذ. الكبير الداديسي
اعتاد المغاربة أن يجعلوا من فصل هذه هي السنة الثالثة التي يصادف فيها شهر رمضان العطلة الصيفية ، وإلى عهد قريب كان شهر غشت يتربع على عرش السياحة المغربية فتتحطم فيه كل ألأرقام القياسية من حيث ليالي المبيت بالفنادق وعدد الزوار للمنتجعات السياحية الساحلية والجبلية ، ومهرجانات المدن ، والأعراس وحفلات الزواج والختان ..وحركة دخول وخروج أفراد الجالية المغربية . وحركة الاستقبال بالمطارات والموانئ ...
كان الفرد عندما يزور أي مدينة شاطئية أو أي مدينة سياحية بالأطلس خلال شهر غشت يكاد يضجر من كثرة الحركة ، ويصيبه التعب وهو يبحث عن مكان لركن سيارته . ويغشاه الملل وهو ينتظر النادل في المقهى أو المطعم يقدم له وجبة أو شرابا ..
خلال شهر غشت كانت تنتعش الحركة السياحية ، ويرتفع ثمن كراء المنازل .. و يشتغل عدد من التلاميذ والطلبة في عدة مهن موسمية كمساعدة الوقاية المدنية (معلمي السباحة) وحراسة السيارات ، ومساعدة أصحاب المقاهي والمطاعم التي تكتظ بالزوار ..وتنشط حركة الممونين والنكافات والنقاشات وبائعي الأكلات السريعة ....
لكن مصادفة شهر رمضان هذه السنة لشهر غشت أسقط هذا الشهر من برجه العاجي وتربعه على هرم السياحة المغربية فيحول معظم المنتجعات لأطلال ومدن أشباح شبه خالية : فالشواطئ التي كانت وسط النهار تعج بالأجسام العارية تعرض مفاتنها الرجولية أو الأنثوية تتلذذ بلسعات الشمس اللافحة ، باحثة عن سمر مفقودة طيلة السنة .. هذه الشواطئ أصبحت تبدو كالبيداء لا أثر فيها لحركة الإنسان سوى بعض النصارى الذين استغلوا هذا الشهر لشحن أجسادهم بالحرارة والتمتع بالبحر والشمس ... وقد تدب بعض الحركة في جسم بعض الشواطئ القريبة من المدن قبيل الإفطار ببعض الشبان الذين يمارسون كرة القدم أو بعض الأنشطة الرياضية الأخرى لكن لا اثر لكل أولئك الذين كانوا يسترزقون ببيع المثلجات والمرطبات والباعة المتجولون من الشباب الذين يبيعون بعض المأكولات الشاطئية ، أو بعض لعب الأطفال أو الشمسيات ...
أما إذا حدث وزار الفرد مدينة جبلية فسيكتشف تأثير شهر رمضان في اليوم على القطاع السياحي : وتكفي زيارة سريعة لعين سيدي حرازم نواحي فاس التي كان كل هم زوارها هو شرب أكبر قدر ممكن من الماء ..أو عين أسردون ببني ملال أو شلالات أوزود بإقليم أزيلال ... لتتجلى له صورة هذا التأثير فالأمكنة شبه قاحلة وأماكن الاصطياف شبه خالية إلا من بعض الأجساد المتعبة الملقاة على ضفاف المنابع المائية بعيون مجهدة وقوى خائرة وأجسام أنهكتها الحرارة وأتعبها الجوع والعطش فبدت كثمار متعفنة سقطت من شجرة الحياة ... ليستحضر الزائر صورة هذه المنتزهات في نفس الشهر من السنين الماضية حيث المكان وقد اصطفت في حنباته الطواجن على المجامر وروائح ودخان الشواء يجذبان أمعاء الجائعين ...
إن شهر رمضان أنسى المغاربة والمسلمين أن هذا الشهر ( شهر غشت ) شهر السياحة بامتياز، رافعا شعار لا زواج لا ختان في هذا الشهر الكريم ، وبعد رمضان يأتي عيد الفطر والدخول المدرسي وبذلك سيكون لشهر رمضان الكريم تأثير كبير على الموسم السياحي وعائدات السياحة الداخلية والخارجية ...والأكيد أن نفس السيناريو سيتكرر في السنوات القليلة المقبلة لذلك يتوجب على المشرفين على القطاع السياحي التفكير في تحويل ذروة الموسم السياحي لفصل الربيع بدل فصل الصيف إلى حين ابتعاد شهر رمضان المعظم عن موسم الصيف