الحكومة الجزائرية الجديدة وإعادة إنتاج الحكومات السابقة
ذ. الكبير الداديسي
انتظر العالم العربي وكل متتبع للوضع السياسي بالجزائر طويلا الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد مخاض عسير طال ما يربو عن أربعة أشهر ، وعد فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شعبه بتغييرات جذرية لتهدئة بركان ثوار الربع العربي والأمازيغي في بلاد معروفة بالثورة مليون شهيد بعد أن قدم بعض المسكنات أخمدت حماس بعض المتمردين الثائرين ( راجع مقالنا : لماذا لم يزعزع الربيع العربي النظام الجزائري )
اليوم بعد الإعلان عن التشكيلة الرسمية للحكومة الجديدة برئاسة عبد المالك سلال يتضح مستوى التغيير الذي وعد به الرئيس شعبه: إذ حافظ عشرون وزيراً ووزيراً منتدباً من الـ 36 على مناصبهم التي شغلوها من قبل، هكذا حافظ كل من الوزير المنتدب للدفاع عبد المالك قنايزية، ووزير الخارجية مراد مدلسي، و وزيرالداخلية دحو ولد قابلية، ووزيرة الثقافة خليدة تومي، و ووزيرالأشغال العمومية عمار غول، ووزير المالية كريم جودي، ووزير التعليم العالي رشيد حراوبية ،ووزيرالبريد موسى بن حمادي ووزير العمل الطيب لوح، ووزير الفلاحة رشيد بن عيسى ووزير النقل عمار تو.بمناصبهم وحاقبهم الوزارية ، وهي وزارات لها ثقلها ، وتشكل وزارات سيادية ، فيما غيّر بعض الوزراء حقائبهم ، وعاد آخرون، سبق لهم أن شغلوا مناصب في الحكومات السابقة، مثل محمد شرفي (وزير العدل)، وعبد المجيد تبون (وزير الإسكان)، الذي رحل من الحكومة قبل سنوات تحت وقع فضيحة مالية كبرى تسبّبت في إفلاس بنك الخليفة، عندما حاولت الجزائر تجريب بنوك القطاع الخاص، عادوا لشغل مكانهم السابق في الحكومة الجديدة.
وعاد أيضاً عمارة بن يونس، وزير الصحة ثم الأشغال العمومية سابقاً، وكان في حينها بحزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية المتحالف مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عند انتخابه أول مرّة. وقد استقال من الحكومة بعد سحب دعم حزبه لبوتفليقة على أثر أحداث منطقة القبائل الدامية في ربيع 2001. لكنه عاد منفرداً وتحالف مع جبهة التحرير ثم أسس حزباً جديداً اعتمد أخيراً….كما عُيّن رئيس البرلمان السابق، عبد العزيز زياري، في منصب وزير الصحة.
ومع ذلك فقد غاب عن تشكيلة الحكومة اسماء عاشت في جُبّة بوتفليقة سنين طويلة وعاشت معه مشروعه ( الوئام الوطني ) لإنهاء حمام الدم الذي شهدته الجزائر في تسعينيات القرن الماضي ،وأهمهم نور الدين يزيد زرهوني وزير الداخلية لأزيد من عشر سنوات وكل من أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم اللذين تداولا على رئاسة الحكومة منذ تولي بوتفليقة رئاسة الدولة ، إضافة إلى أبو بكر بن بوزيد وزير التعليم الذي قضى أزيد من 19 سنة في الحكومة
يتضح إذن أن الحكومة الجزائرية الجديدة حافظت على أغلب الوجوه ، وظل النظام متمسكا بوزراء السيادة المتحكمون في خيوط اللعبة السياسية بالجزائر، مع توسيع وزارات السيادة لتشمل ( الخارجية ، الداخلية ، المالية ، العمل ، الثقافة ، البريد، النقل ،الفلاحة ، الأشغال العمومية ...) بل أكثر من ذلك ثم إعادة وجوه قديمة للسلطة التنفيذية .... في وقت كثر الحديث عن التغيير والتجديد ، ليعلق الكثير من المتتبعين على ذلك ببعض الأقوال المأثورة مثل ( تمخض الجبل فولد فأرا) قول العرب ( أسمع جعجعة ولا أرى طحينا )...
وقد مكن هذا التغيير في بعض الوجوه من تأجيل فكرة تعديل الدستور التي كان بوتفليقة قد وعد بها شعبه ، والدستور الجزائري من أكثر الدساتير جمودا التي لم يمسها أي تغيير مند مدة طويلة خاصة في الفصول التي تحدد انتخاب ومهام رئيس الدولة فمن شروط الترشح لرئاسة الجمهورية الجزائرية في الدستور يحب على المترشح في المادة 73 :أن يثبت مشاركته في ثورة أول نوفبر 1954 إذا كان مولودا قبل 1942.وأن يتبت عدم تورط أبويه في أعمال ضد ثورة أول نوفبر 1954 إذا كان مولودا بعد يوليو 1942 ...)
كما أن الدستور الجزائري لا يحدد مدة حكم الرئيس ويكتفي بتحديد ولاية الحكم في خمس سنوات . فقد نصت المادة 74 على مايلي ) مدة المهمة الرئاسية خمس (5) سنوات. يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية) ويفهم من العبارة أن الرئيس قد يقضي عمره كله في الرئاسة دستوريا...
تنصيب الحكومة الجزائرية إذن دليل قاطع على أن النظام في الجزائر يسير على نهجه القديم سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية وبالتالي لا ينتظر أي تغيير في علاقته بجيرانه خاصة في حدوده الغربية مما يعني مزيدا من المعاناة للمغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف
ذ. الكبير الداديسي
انتظر العالم العربي وكل متتبع للوضع السياسي بالجزائر طويلا الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد مخاض عسير طال ما يربو عن أربعة أشهر ، وعد فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شعبه بتغييرات جذرية لتهدئة بركان ثوار الربع العربي والأمازيغي في بلاد معروفة بالثورة مليون شهيد بعد أن قدم بعض المسكنات أخمدت حماس بعض المتمردين الثائرين ( راجع مقالنا : لماذا لم يزعزع الربيع العربي النظام الجزائري )
اليوم بعد الإعلان عن التشكيلة الرسمية للحكومة الجديدة برئاسة عبد المالك سلال يتضح مستوى التغيير الذي وعد به الرئيس شعبه: إذ حافظ عشرون وزيراً ووزيراً منتدباً من الـ 36 على مناصبهم التي شغلوها من قبل، هكذا حافظ كل من الوزير المنتدب للدفاع عبد المالك قنايزية، ووزير الخارجية مراد مدلسي، و وزيرالداخلية دحو ولد قابلية، ووزيرة الثقافة خليدة تومي، و ووزيرالأشغال العمومية عمار غول، ووزير المالية كريم جودي، ووزير التعليم العالي رشيد حراوبية ،ووزيرالبريد موسى بن حمادي ووزير العمل الطيب لوح، ووزير الفلاحة رشيد بن عيسى ووزير النقل عمار تو.بمناصبهم وحاقبهم الوزارية ، وهي وزارات لها ثقلها ، وتشكل وزارات سيادية ، فيما غيّر بعض الوزراء حقائبهم ، وعاد آخرون، سبق لهم أن شغلوا مناصب في الحكومات السابقة، مثل محمد شرفي (وزير العدل)، وعبد المجيد تبون (وزير الإسكان)، الذي رحل من الحكومة قبل سنوات تحت وقع فضيحة مالية كبرى تسبّبت في إفلاس بنك الخليفة، عندما حاولت الجزائر تجريب بنوك القطاع الخاص، عادوا لشغل مكانهم السابق في الحكومة الجديدة.
وعاد أيضاً عمارة بن يونس، وزير الصحة ثم الأشغال العمومية سابقاً، وكان في حينها بحزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية المتحالف مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عند انتخابه أول مرّة. وقد استقال من الحكومة بعد سحب دعم حزبه لبوتفليقة على أثر أحداث منطقة القبائل الدامية في ربيع 2001. لكنه عاد منفرداً وتحالف مع جبهة التحرير ثم أسس حزباً جديداً اعتمد أخيراً….كما عُيّن رئيس البرلمان السابق، عبد العزيز زياري، في منصب وزير الصحة.
ومع ذلك فقد غاب عن تشكيلة الحكومة اسماء عاشت في جُبّة بوتفليقة سنين طويلة وعاشت معه مشروعه ( الوئام الوطني ) لإنهاء حمام الدم الذي شهدته الجزائر في تسعينيات القرن الماضي ،وأهمهم نور الدين يزيد زرهوني وزير الداخلية لأزيد من عشر سنوات وكل من أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم اللذين تداولا على رئاسة الحكومة منذ تولي بوتفليقة رئاسة الدولة ، إضافة إلى أبو بكر بن بوزيد وزير التعليم الذي قضى أزيد من 19 سنة في الحكومة
يتضح إذن أن الحكومة الجزائرية الجديدة حافظت على أغلب الوجوه ، وظل النظام متمسكا بوزراء السيادة المتحكمون في خيوط اللعبة السياسية بالجزائر، مع توسيع وزارات السيادة لتشمل ( الخارجية ، الداخلية ، المالية ، العمل ، الثقافة ، البريد، النقل ،الفلاحة ، الأشغال العمومية ...) بل أكثر من ذلك ثم إعادة وجوه قديمة للسلطة التنفيذية .... في وقت كثر الحديث عن التغيير والتجديد ، ليعلق الكثير من المتتبعين على ذلك ببعض الأقوال المأثورة مثل ( تمخض الجبل فولد فأرا) قول العرب ( أسمع جعجعة ولا أرى طحينا )...
وقد مكن هذا التغيير في بعض الوجوه من تأجيل فكرة تعديل الدستور التي كان بوتفليقة قد وعد بها شعبه ، والدستور الجزائري من أكثر الدساتير جمودا التي لم يمسها أي تغيير مند مدة طويلة خاصة في الفصول التي تحدد انتخاب ومهام رئيس الدولة فمن شروط الترشح لرئاسة الجمهورية الجزائرية في الدستور يحب على المترشح في المادة 73 :أن يثبت مشاركته في ثورة أول نوفبر 1954 إذا كان مولودا قبل 1942.وأن يتبت عدم تورط أبويه في أعمال ضد ثورة أول نوفبر 1954 إذا كان مولودا بعد يوليو 1942 ...)
كما أن الدستور الجزائري لا يحدد مدة حكم الرئيس ويكتفي بتحديد ولاية الحكم في خمس سنوات . فقد نصت المادة 74 على مايلي ) مدة المهمة الرئاسية خمس (5) سنوات. يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية) ويفهم من العبارة أن الرئيس قد يقضي عمره كله في الرئاسة دستوريا...
تنصيب الحكومة الجزائرية إذن دليل قاطع على أن النظام في الجزائر يسير على نهجه القديم سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية وبالتالي لا ينتظر أي تغيير في علاقته بجيرانه خاصة في حدوده الغربية مما يعني مزيدا من المعاناة للمغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف