لغز الغش يوم الغش الأكبر !!
ما حكم القانون والشرع في غشاشي الغش ؟؟
ذ.الكبير الداديسي
رفعت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بالمغرب هذه السنة شعار (محاربة الغش في الامتخانات) ورصدت لذلك إمكانات بشرية، مادية ولوجيستيكية هامة كلفت الدولة موارد مالية هامة ، وكانت كل المؤشؤات تنبئ بإمكانية تحجيم الغش وتراجع حدته بعدما غدا عدد من الممتحنين يعتبرونه حقا من حقوقهم ، والخزي والعار لكل أستاذ متشدد ومتعصب في المراقبة ...
وفعلا انطلق اليوم الأول من امتحانات الباكالوريا ، وقد اتخذ المسؤولون ( رؤساء المراكز، الملاحظون، والأساتذة المسؤولون عن الإجراء..) دعوات الوزارة محمل الجد وإن اختلفت الجدية حسب المراكز: فاجتهد بعض رؤساء مراكز الامتحانات في تجريب ما جهزتهم به الوزارة من كاشف للمعادن، كما اجتهد بعض الملاحظين وكانوا حريصين على تسجيل كل كبيرة وصغيرة ، وكذلك المراقبين الذين تفانوا في خدمة المهمة المنوطة بهم.. فسجلت أكثر حالات الغش في اليوم الأول، مقارنة مع باقي أيام امتحانات الباكالوريا ، وتم تسجيل محاضر في حق الغشاشين إذ بلغت حالات الغش حسب الوزارة المعنية 3066 حالة (وهو رقم قابل للتضخم ) ومع ذلك يبقى رقما ضحما إذا ما قورن بالأرقام الصادرة عن الوزارة في السنوات السابقة ( 495 سنة 2010/ 2480 سنة 2012/ 1321حالة سنة 2014...
وبحسب القانون ف 3066 وما سيضاف إليهم من حالات غش ستضبط أثناء التصحيح محرومون أوتوماتيكيا من الدورة الاستدراكية .. لكن ما ينبغي معرفته هو أن عددا من هؤلاء تم ضبطهم في مادة الرياضيات التي سربت قبل موعد الامتحان لأنها كانت أول مادة ، وهي المادة التي قررت الوزارة إعادتها بعد اقتناعها بالتسريب.. وقد نتج عن هذه الوضعية مفارقة قانونية وجد المتضررون منها أنفسهم (في حيص بيص ) وفي إشكالية أثارت نقاشات في صفوف المهتمين لعل أهمها وطرحت أسئلة من قبيل:
ما مصير التلاميذ الذي ضبطوا في حالة غش ومنعوا من أتمام الامتحان في مادة انبت على الغش ؟ هل يعتبر غاشا من غش في مادة مغشوشة أصلا؟؟ وهل الغش غش حتى ولو كان غشا للغش ..؟ وهي إشكالات تعيد مسألة متداولة في الفقه حول حكم الشرع من سرقة السارق !!!
إن تسريب الامتحان خلق مفارقة قد تحير فقهاء القانون، كان ضحيتها عدد لا يستهان به من التلاميذ :
- منهم من ضبط في حالة غش.
- منهم من شعر أن الامتحان المسرب صعب وفوق طاقته وانسحب ( وهو لا يعلم أنه مسرب) ليفاجأ أن الوزارة عوضت الامتحان بآخر اسهل في متناول أضعف التلاميذ ، ولو علم بسهولته لما انسحب ..
- فئة حرجت للاحتجاج والتعبير عن سخطها على التسريب ( خاصة في البيضاء) ولم تحظر لمادة الفلسفة (المادة الثانية في الامتحان) مما جعلها مقصية وخارج أطوار مواصلة الحضور لباقي المواد
الملاحظ
أن تقارير ومحاضر الغش المحررة في حق غشاشي الرياضيات سيتم التخلص منها مثلما سيتم التخلص من أوراق الأجوبة فكيف يبقى مفعول قرار دون محاضر؟؟ وأكثر من ذلك يوجد من ضمن أولئك الغشاشين من ضبط بحوزته هاتف غير مشغل .. ألا يتيح كل ذلك استفادة الغشاشين من ظروف التخفيف لأن الامتحان مغشوش ، فيتم غض النظر عن غشهم مثلما تخلت الدولة عن الامتحان كله؟؟ أو على الأقل السماح لهم باجتياز الدورة الاستدراكية
صحيح أن الغش مرفوض مهما كان نوعه فنحن لا ندافع عن الغش، ولا نبحث له عن مبررات، ولا ندعو إلى التساهل مع مرتكبيه مهما كانت دوافعه ، لكن حال هؤلاء الغشاشين تبدو غريبة، خاصة بعدما تم الاعتراف بالغش الأكبر ( تسريب الامتحان) ، وبعدما تم إعادة الامتحان بكل إجراءاته وكل ما يتعلق به إذ أعيد الامتحان في نفس القاعات وبنفس الاستدعاءات وفي نفس الظروف الظروف تقريبا، بل وبروح من التضحية والمسؤولية من الأساتذة الذين لبوا نداء الواجب دون أن توجه لهم الجهات الوصية استدعاءات المراقبة، وتركتهم حيارى بين التوجه لمؤسساتهم وبين التوجه لمراكز الامتحانات التي كلفوا بالحراسة فيها.. لذلك ورأى البعض أنه في هذه الأجواء التي طبعتها التضحية، وتعقل كافة الشرائح المغربية وتعاملها الرزين مع التسريب ، ومع إعادة الامتحان الذي مر في أجواء هادئة آمنة ومسؤولة كان يستحسن ليكتمل المشهد الترفع والسماح للغشاشين بإعادة الامتحان ما دامت الوزارة اعترفت بالخطأ والمغاربة قدروا حجم المسؤولية
ما حكم القانون والشرع في غشاشي الغش ؟؟
ذ.الكبير الداديسي
رفعت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بالمغرب هذه السنة شعار (محاربة الغش في الامتخانات) ورصدت لذلك إمكانات بشرية، مادية ولوجيستيكية هامة كلفت الدولة موارد مالية هامة ، وكانت كل المؤشؤات تنبئ بإمكانية تحجيم الغش وتراجع حدته بعدما غدا عدد من الممتحنين يعتبرونه حقا من حقوقهم ، والخزي والعار لكل أستاذ متشدد ومتعصب في المراقبة ...
وفعلا انطلق اليوم الأول من امتحانات الباكالوريا ، وقد اتخذ المسؤولون ( رؤساء المراكز، الملاحظون، والأساتذة المسؤولون عن الإجراء..) دعوات الوزارة محمل الجد وإن اختلفت الجدية حسب المراكز: فاجتهد بعض رؤساء مراكز الامتحانات في تجريب ما جهزتهم به الوزارة من كاشف للمعادن، كما اجتهد بعض الملاحظين وكانوا حريصين على تسجيل كل كبيرة وصغيرة ، وكذلك المراقبين الذين تفانوا في خدمة المهمة المنوطة بهم.. فسجلت أكثر حالات الغش في اليوم الأول، مقارنة مع باقي أيام امتحانات الباكالوريا ، وتم تسجيل محاضر في حق الغشاشين إذ بلغت حالات الغش حسب الوزارة المعنية 3066 حالة (وهو رقم قابل للتضخم ) ومع ذلك يبقى رقما ضحما إذا ما قورن بالأرقام الصادرة عن الوزارة في السنوات السابقة ( 495 سنة 2010/ 2480 سنة 2012/ 1321حالة سنة 2014...
وبحسب القانون ف 3066 وما سيضاف إليهم من حالات غش ستضبط أثناء التصحيح محرومون أوتوماتيكيا من الدورة الاستدراكية .. لكن ما ينبغي معرفته هو أن عددا من هؤلاء تم ضبطهم في مادة الرياضيات التي سربت قبل موعد الامتحان لأنها كانت أول مادة ، وهي المادة التي قررت الوزارة إعادتها بعد اقتناعها بالتسريب.. وقد نتج عن هذه الوضعية مفارقة قانونية وجد المتضررون منها أنفسهم (في حيص بيص ) وفي إشكالية أثارت نقاشات في صفوف المهتمين لعل أهمها وطرحت أسئلة من قبيل:
ما مصير التلاميذ الذي ضبطوا في حالة غش ومنعوا من أتمام الامتحان في مادة انبت على الغش ؟ هل يعتبر غاشا من غش في مادة مغشوشة أصلا؟؟ وهل الغش غش حتى ولو كان غشا للغش ..؟ وهي إشكالات تعيد مسألة متداولة في الفقه حول حكم الشرع من سرقة السارق !!!
إن تسريب الامتحان خلق مفارقة قد تحير فقهاء القانون، كان ضحيتها عدد لا يستهان به من التلاميذ :
- منهم من ضبط في حالة غش.
- منهم من شعر أن الامتحان المسرب صعب وفوق طاقته وانسحب ( وهو لا يعلم أنه مسرب) ليفاجأ أن الوزارة عوضت الامتحان بآخر اسهل في متناول أضعف التلاميذ ، ولو علم بسهولته لما انسحب ..
- فئة حرجت للاحتجاج والتعبير عن سخطها على التسريب ( خاصة في البيضاء) ولم تحظر لمادة الفلسفة (المادة الثانية في الامتحان) مما جعلها مقصية وخارج أطوار مواصلة الحضور لباقي المواد
الملاحظ
أن تقارير ومحاضر الغش المحررة في حق غشاشي الرياضيات سيتم التخلص منها مثلما سيتم التخلص من أوراق الأجوبة فكيف يبقى مفعول قرار دون محاضر؟؟ وأكثر من ذلك يوجد من ضمن أولئك الغشاشين من ضبط بحوزته هاتف غير مشغل .. ألا يتيح كل ذلك استفادة الغشاشين من ظروف التخفيف لأن الامتحان مغشوش ، فيتم غض النظر عن غشهم مثلما تخلت الدولة عن الامتحان كله؟؟ أو على الأقل السماح لهم باجتياز الدورة الاستدراكية
صحيح أن الغش مرفوض مهما كان نوعه فنحن لا ندافع عن الغش، ولا نبحث له عن مبررات، ولا ندعو إلى التساهل مع مرتكبيه مهما كانت دوافعه ، لكن حال هؤلاء الغشاشين تبدو غريبة، خاصة بعدما تم الاعتراف بالغش الأكبر ( تسريب الامتحان) ، وبعدما تم إعادة الامتحان بكل إجراءاته وكل ما يتعلق به إذ أعيد الامتحان في نفس القاعات وبنفس الاستدعاءات وفي نفس الظروف الظروف تقريبا، بل وبروح من التضحية والمسؤولية من الأساتذة الذين لبوا نداء الواجب دون أن توجه لهم الجهات الوصية استدعاءات المراقبة، وتركتهم حيارى بين التوجه لمؤسساتهم وبين التوجه لمراكز الامتحانات التي كلفوا بالحراسة فيها.. لذلك ورأى البعض أنه في هذه الأجواء التي طبعتها التضحية، وتعقل كافة الشرائح المغربية وتعاملها الرزين مع التسريب ، ومع إعادة الامتحان الذي مر في أجواء هادئة آمنة ومسؤولة كان يستحسن ليكتمل المشهد الترفع والسماح للغشاشين بإعادة الامتحان ما دامت الوزارة اعترفت بالخطأ والمغاربة قدروا حجم المسؤولية