عتبر lمفهوم الايديولوجيامن اشيع المفاهيم وأكثرها تداولا ،لكن معناها يظل مع ذلك من اكثر المعاني إثارة للجدل ،ومن ثمة فهو أقل المفاهيم ثباثا ،فهو عند البعض مفهوم علمي علمي حثمي ،وعند الآخرين معنى مبتذل ،بل يمكن ان يكون سبة كما نجد عند ريمون آرون '' الايديولوجيا هي فكرة عدوي'' وهذ الوضع يبين أن مفهوم الايديولوجيا نفسه ،هو موضوع لعملية ادلجة** مكثفة ،ويعتبر عبد الله العروي –المفكر المغربي –في كتابه "مفهوم الايديولوجيا '' ،ان كلمة ''ايديولوجيا''ذخيلة على على جميع اللغات الحية ،فهي لغويا تعني في أصلها الفرنسي،علم الأفكار ،لكنها لم تحتفظ بالمعنىاللغوي.
ما الايديولوجيا ؟ هل هي وعي زائف ومقلوب للعالم ام انها الوسيط الضروري الذي بدونه لا يمكن للبشر ان يتحاوروا ويفعلو في التاريخ؟ هل هي اغتراب للوعي وبالتالي عجزعن توجيه الفعل وضياعه في مسارب خاطئة؟ام انها اداة الانسان لتملك عالمه ومصيره؟ثم هل الايديولوجيا مجرد اوهام مفارقة للواقع ام انها تعبير عما يتضمنه هذا الواقع من تناقضات وصراعات؟
لننطلق من معنى الايديولوجية كاختلال وتشويه للواقع ،وهو الذي يطابق الاستعمال الشائع لهذه الكلمة الذي انتشر عبر كتابات ''كارل ماركس '' الشاب منذ تاليفه للمخطوطات الاقتصادية والسياسية ،وبالخصوص بعد ظهور كتاب ''الايديولوجيا الالمانية'' ومعلوم ان ماركس استعار مفهوم الايديولوجيا من فلاسفة سابقين اطلقوا على انفسهم ''ايديولوجيين'' وهم الذين ورثوا في فرنسا فكر الفيلسوف ''كوندياك''.
لقد حاول ماركس ان يقدم تصورا جديدا للايديولوجيا مستعملا في ذلك استعارة محددة ، انها استعارة انعكاس الصورة وانقلابها داخل الغرفة السوداء،وهي المنطلق الاساسي في كل عملية تصوير ،ومنذ ذلك الحين اصبحت الوظيفة الاولى التي تلحق بالايديولوجيا هي صنع صور معكوسة عن الواقع.وقد استفاذ ماركس من نقذ ''فيورباخ'' للدين معتبرا (اي فيورباخ) انه داخل الدين يتم اسقاط مجموعة من الخصائص البشرية على كائن الاهي خيالي بشكل تحولت فيه الصفات الخالذة المميزة للانسان الى صفات مميزة للاله.والقلب الفيورباخي للمسيحية يتلخص في ان الانسان خلق الله على صورته،لا العكس،وكما قلت فقد استفاد ماركس من هذا النقذ ،لكن اضافة ماركس النوعية تمثلت في الربط بين التمثلات الفكرية وبين واقع الحياة الذي هو الممارسة او البراكسيس praxis ،بهذا الشكل ينتقل ماركس من المعنى الضيق لكلمة ايديولوجيا الى معناها الواسع الذي يعتبر ان الحياة الواقعية للانسان تسبق مبدئيا تمثلاته الذهنية .وعلى اساس المادية التاريخية طور ماركس وانجلز المفهوم العلمي للايديولوجيا المرتبط بتحليل الوعي الاجتماعي ،كانعكاس للوجود الاجتماعي ،وصولا الى الاعتراف بانه في مجتمع طبقي تكون الايديولوجيا جماعا للتصورات الاجتماعية لطبقة معينة ،يعبر عن وضعها الاجتماعي التاريخي ،و عن مصالحها وبعبارة اخرى ،فان الايديولوجيا في مجتمع طبقي سمة طبقية.ان الطبقة المتحكمة في وسائل الانتاج المادي تملك في الوقت نفسه الاشراف على وسائل الانتاج الفكري.
يمكن ان نتحدث عن وظيفة ثالثة للايديولوجيا تنظاف الى وظيفتي التشويه والتبرير هي ما اسماه ''بول ريكور'' وظيفة الادماج ،وهي وظيفة اعمق لانها تمثل المستوى التحتي او القاعدي للايديولوجيا ،وهي تظهر في استعمال الطقوس والاحتفالات التخليذية .
اننا هنا ازاء بنية رمزية خاصة بالذاكرة الجماعية ،مثل اعلان استقلال امريكا الشمالية ،والاستيلاء على قصر لاباسيتي اثناء الثورة الفرنسية ،وثورة اكتوبر بالنسبة لروسيا ،والاحتفالات التي تعرفها جل البلدان والكيانات السياسية بخصوص الاحتفالات المحلية او الدينية...
دور الايديولوجيا اذن هنا هو تامين بقاء مجموعة بشرية ،ووجودها بفضل الصور الثابثة التي تصنعها لنفسها وعن ذاتها.