مدى دستورية حكومة بن كيران
الفقيه الذي ننتظر بركته دخل المسجد ببلغته
بقلم ذ. الكبير الداديسي
أسالت حكومة عبد الإله بن كيران مدادا كثيرا ، وأثارت نقاشات كثيرة سواء مند إعلان نتائج الانتخابات التشريعية وتعيين الوزير الأول وانتهاء بإعلان التشكيل النهائية ، ورغم كل ما أثير حول هذه الحكومة تبقى إشكالية دستوريتها أهم هذه الإشكاليات ، فالحكومة الجديدة جاءت بهدف تنزيل الدستور فإذا بها هي أول من تخرق بنود هذا الدستور ، فأين يتجلى هذا الخرق ؟؟
قبل معالجة القضية نقدم للقارئ الكريم هذين البنودين من الدستور لتكون منطلقا ومرجعا للنقاش :
الفصل 87
تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضم كتابا للدولة.
يُحدد قانون تنظيمي، خاصة، القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها.
ويحدد هذا القانون التنظيمي أيضا حالات التنافي مع الوظيفة الحكومية، وقواعد الحد من الجمع بين المناصب، والقواعد الخاصة بتصريف الحكومة المنتهية مهامها للأمور الجارية.
الفصل 88
بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية.
يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب.
تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي.))
انطلاقا من هذين الفصلين يلاحظ أن الحكومة قبل مباشرتها لمهامها وتسلمهما لمقاليد السلطة التنفيذية يجب عليها أن تمر عبر ثلاث مراحل دستورية ضرورية :
الأولى وهي تعيين الملك لرئيس الحكومة من الحزب الذي احصل على أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب ويبدو أن الملك خضع لقوانين الدستور واختار عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة .
النقطة الثاني هي عرض الحكومة على الملك وتعيين الملك للوزراء ، وعلى الرغم مما صاحب مرحة اختيار الوزراء من تجاذبات بين الأحزاب المشكلة للحكومة فقد كانت الأمر وفق بنود الدستور ، وإن تم إنزال عبد العزيز أخنوش في آخر مرحلة بعد تنكره للحزب وللقواعد التي انتخبته مفضلا البقاء في وزارة الفلاحة لابصفته السياسية ولا بصفته التقنية ولكن بصفته الاستثمارية راضيا بحكم الفصل 61 من الدستور الذي يقول (يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. )فاختار الاستوزار بدل البقاء خارج الدار ومع ذلك قد يجد الكثير لذلك مخارج دستورية .
المرحلة الثالثة وهي التي تهمنا اليوم ، هي مرحلة تنصيب الحكومة ، ذلك أن الحكومة في الدستور الجديد لا تكون دستورية إلا بعد
إلا بعد حصولها على ثقة البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ، ومجلس المستشارين ) بعد أن تعرض عليهما البرنامج الذي تعتزم تطبيقه في مختلف المجالات وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية ، وأن يتعقب هذا العرض نقاش للبرنامج ومصادقة الغرفتين عليه
لذلك كان من الواجب دستوريا على حكومة بن كيران إعداد البرنامج الحكومي أولا قبل الجري نحو الكراسي وتسلم المهام مما جعل من الحكومة المعينة حكومة غير منصبة وحكومة تعمل في حالة شرود دستوري : مادامت تعمل وفق برنامج الحكومة السابقة ، ووفق القانون المالي لحكومة عباس الفاسي ، فأجرة الوزراء الجدد هذا الشهر وما بعده واستخلاص ضرائب السيارات ومختلف التعويضات والأجور والضرائب تتم وفق ما صادق عليه البرلمان والحكومة السابقين ، وأكثر من ذلك حكومة بن كيران ستقدم برنامجها الحكومي لغرفتي مجلس البرلمان وهما غرفتان مختلفتان : مجلس النواب منتخب وفق الدستور الجديد والأغلبية فيه للحكومة المعينة ، بينما مجلس المستشارين مشكل وفق الدستور القديم ، والأغلبية فيه ليست للحكومة المعينة ، فإذا كانت الحكومة تضمن المصادقة على البرنامج الحكومي في مجلس النواب فماذا سيكون مصير هذه الحكومة إذا ما رفض مجلس المستشارين البرنامج الحكومي
يبدو إذن أن فرحة حكومة بن كيران بتعيينها ونجاحها في مفاوضات الاستوزار قد أنساها بعض فصول الدستور ، بل أكثر من ذلك سارع مجلس الحكومة لعقد أولى جلساته ، وتسابق الوزراء المعينون على الكراسي وتسليم المهام ، وربما منهم من بدأ بتوقيع قرارات قبل حصول الحكومة على ثقة البرلمان وقبل أن تكتمل شرعية وزرائها .
دون نسيان أن الفصل 87 ينص أيضاعلى صدور قانون تنظيمي خاص ب بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها ولحد علما أن هذا القانون لم تتم صياغته والمصادقة عليه بعد ، كما يمنع نفس الفصل الجمع بين المناصب ومعظم الوزراء المعينون لازالوا برلمانيين وبالتالي يجمعون بين منصب وزير ومنصب نائب برلماني .
الخلاصة هي أن الفقيه الذي ننتظر بركته دخل المسجد ببلغته ، الحكومة التي ننتظر منها تنزيل الدستور كانت هي أول من افتض بكرة هذا الدستور ، وكان يستحسن أن تستمر حكومة تصريف الأعمال في مهامها إلى أن تنتهي الحكومة المعينة من إعداد برنامجها الحكومي وتنال ثقة البرلمان بغرفتيه وتكتمل شرعيتها قبل تسلم الوزراء الجدد لمهامهم
الفقيه الذي ننتظر بركته دخل المسجد ببلغته
بقلم ذ. الكبير الداديسي
أسالت حكومة عبد الإله بن كيران مدادا كثيرا ، وأثارت نقاشات كثيرة سواء مند إعلان نتائج الانتخابات التشريعية وتعيين الوزير الأول وانتهاء بإعلان التشكيل النهائية ، ورغم كل ما أثير حول هذه الحكومة تبقى إشكالية دستوريتها أهم هذه الإشكاليات ، فالحكومة الجديدة جاءت بهدف تنزيل الدستور فإذا بها هي أول من تخرق بنود هذا الدستور ، فأين يتجلى هذا الخرق ؟؟
قبل معالجة القضية نقدم للقارئ الكريم هذين البنودين من الدستور لتكون منطلقا ومرجعا للنقاش :
الفصل 87
تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضم كتابا للدولة.
يُحدد قانون تنظيمي، خاصة، القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها.
ويحدد هذا القانون التنظيمي أيضا حالات التنافي مع الوظيفة الحكومية، وقواعد الحد من الجمع بين المناصب، والقواعد الخاصة بتصريف الحكومة المنتهية مهامها للأمور الجارية.
الفصل 88
بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية.
يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب.
تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي.))
انطلاقا من هذين الفصلين يلاحظ أن الحكومة قبل مباشرتها لمهامها وتسلمهما لمقاليد السلطة التنفيذية يجب عليها أن تمر عبر ثلاث مراحل دستورية ضرورية :
الأولى وهي تعيين الملك لرئيس الحكومة من الحزب الذي احصل على أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب ويبدو أن الملك خضع لقوانين الدستور واختار عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة .
النقطة الثاني هي عرض الحكومة على الملك وتعيين الملك للوزراء ، وعلى الرغم مما صاحب مرحة اختيار الوزراء من تجاذبات بين الأحزاب المشكلة للحكومة فقد كانت الأمر وفق بنود الدستور ، وإن تم إنزال عبد العزيز أخنوش في آخر مرحلة بعد تنكره للحزب وللقواعد التي انتخبته مفضلا البقاء في وزارة الفلاحة لابصفته السياسية ولا بصفته التقنية ولكن بصفته الاستثمارية راضيا بحكم الفصل 61 من الدستور الذي يقول (يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها. )فاختار الاستوزار بدل البقاء خارج الدار ومع ذلك قد يجد الكثير لذلك مخارج دستورية .
المرحلة الثالثة وهي التي تهمنا اليوم ، هي مرحلة تنصيب الحكومة ، ذلك أن الحكومة في الدستور الجديد لا تكون دستورية إلا بعد
إلا بعد حصولها على ثقة البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ، ومجلس المستشارين ) بعد أن تعرض عليهما البرنامج الذي تعتزم تطبيقه في مختلف المجالات وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية ، وأن يتعقب هذا العرض نقاش للبرنامج ومصادقة الغرفتين عليه
لذلك كان من الواجب دستوريا على حكومة بن كيران إعداد البرنامج الحكومي أولا قبل الجري نحو الكراسي وتسلم المهام مما جعل من الحكومة المعينة حكومة غير منصبة وحكومة تعمل في حالة شرود دستوري : مادامت تعمل وفق برنامج الحكومة السابقة ، ووفق القانون المالي لحكومة عباس الفاسي ، فأجرة الوزراء الجدد هذا الشهر وما بعده واستخلاص ضرائب السيارات ومختلف التعويضات والأجور والضرائب تتم وفق ما صادق عليه البرلمان والحكومة السابقين ، وأكثر من ذلك حكومة بن كيران ستقدم برنامجها الحكومي لغرفتي مجلس البرلمان وهما غرفتان مختلفتان : مجلس النواب منتخب وفق الدستور الجديد والأغلبية فيه للحكومة المعينة ، بينما مجلس المستشارين مشكل وفق الدستور القديم ، والأغلبية فيه ليست للحكومة المعينة ، فإذا كانت الحكومة تضمن المصادقة على البرنامج الحكومي في مجلس النواب فماذا سيكون مصير هذه الحكومة إذا ما رفض مجلس المستشارين البرنامج الحكومي
يبدو إذن أن فرحة حكومة بن كيران بتعيينها ونجاحها في مفاوضات الاستوزار قد أنساها بعض فصول الدستور ، بل أكثر من ذلك سارع مجلس الحكومة لعقد أولى جلساته ، وتسابق الوزراء المعينون على الكراسي وتسليم المهام ، وربما منهم من بدأ بتوقيع قرارات قبل حصول الحكومة على ثقة البرلمان وقبل أن تكتمل شرعية وزرائها .
دون نسيان أن الفصل 87 ينص أيضاعلى صدور قانون تنظيمي خاص ب بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها ولحد علما أن هذا القانون لم تتم صياغته والمصادقة عليه بعد ، كما يمنع نفس الفصل الجمع بين المناصب ومعظم الوزراء المعينون لازالوا برلمانيين وبالتالي يجمعون بين منصب وزير ومنصب نائب برلماني .
الخلاصة هي أن الفقيه الذي ننتظر بركته دخل المسجد ببلغته ، الحكومة التي ننتظر منها تنزيل الدستور كانت هي أول من افتض بكرة هذا الدستور ، وكان يستحسن أن تستمر حكومة تصريف الأعمال في مهامها إلى أن تنتهي الحكومة المعينة من إعداد برنامجها الحكومي وتنال ثقة البرلمان بغرفتيه وتكتمل شرعيتها قبل تسلم الوزراء الجدد لمهامهم