أسئلة حول قرار جامعة الدول العربية بشأن سوريا !!
بقلم ذ. الكبير الداديسي
أثار قرار جامعة الدول العربية القاضي بتجميد عضوية سوريا والتلويح بفرض عقوبات على النظام السوري اهتمام كل المتتبعين عربيا ودوليا ، وتباينت ردود الفعل على هذا القرار وإن رحبت به الدول العظمى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة التي اعتبر أمينها العام بان كيمون القرار شجاعا وقويا ..
رغم تجميد عضوية مصر عقب توقيع أنور السادات لمعاهدة كومب ديفيد مع إسرائيل و نقل مقر الجامعة إلى تونس وتعيين التونسي الشادلي القليبي أمينا عاما ( أول وآخر مرة يعين أمين عام للجامعة خارج مصر ) ورغم تجميد عضوية ليبيا أثناء الثورة على القدافي. فإن الجامعة العربية لم يسبق لها أن اتخذت هكذا قرار..فلتجميد عضوية سوريا نغمة خاصة وهي من الأعضاء المؤسسين للجامعة ،وأكثر الأعضاء عزفا على وتر العروبة
لقد صادق على هذا القرار 18 دولة عربية بعد رفض اليمن ولبنان وامتناع العراق ، مع العلم أن ميثاق الجامع ينص على أن القرارات تتخذ بالإجماع ..و إذا كانت أسباب رفض اليمن ولبنان وامتناع العراق واضحة للمتتبعين : فوضع اليمن شبيه بوضع سوريا وبالتالي في رفض اليمن إشارة إلى رفضها فرض هكذا قرار على نظامها ..أما موقف لبنان والعراق فاليد الإيرانية فيه بادية وهي الساعية إلى الحفاظ على موطئ قدم لها بالشرق الأوسط رغم التهديد الغربي والمزاحمة التركية المتسللة تدريجيا وبهدوء داخل الكيان العربي .... مما جعل هذا القرار محاطا بعدة أسئلة منها :
السؤال الأول هو كيف تمكنت 18 دولة من توحيد موقفها في وجه شقيق الأمس ؟؟؟ وحتى أن كانت مواقف الدول الرافضة واضحة ، وموقف الدول الحديثة العهد بالثورة كتونس ومصر وليبيا مبررة فبماذا تم إقناع دول كانت ضد الثورات العربية كالجزائر ودول معروفة بسكوتها كعمان وموريطانيا ودول معروفة بوسطيتها ومرونتها مع القضايا القومية كالمغرب والأردن..وما الذي أجبر العاهل الأردني على دعوة بشار الأسد للتنحي عن السلطة ..؟؟؟؟
لقد مرت الدول العربية من أزمات كثيرة كانت مواقف الجامعة العربية فيه مخجلة وغير حاسمة سواء في إطار الصراع العربي الإسرائيلي أو في إطار بعض القضايا العربية والموقف من قضية العراق خير دليل على ذلك .. لذلك اعتبر هذا الإجماع في نظر معظم المتتبعين موقفا غير مسبوق للجامعة : فرأى فيه المتفائلون تفعيلا لدور الجامعة وإدخالها عهدا جديدا قد يكون لها فيه دور سياسي يعيد ثقة الشارع لمؤسسة أنشئت قبل الأمم المتحدة ، فيما رأى فيه آخرون مجرد تمهيد وغطاء لغزو خارجي بات وشيكا على سوريا رغم ترديد العرب رفضهم لأي تدخل أجنبي
والسؤال الثاني هو لماذا اتخذ قرار تجميد عضوية سوريا بهذه السرعة وسارعت العديد من الدول والهيآت إلى الترحيب بهذا القرار ، في الوقت الذي يسكت العالم عما يقع في اليمن ؟؟ لقد عاشت اليمن شهورا عصيبة قتل خلالها آلاف المتظاهرين وتمكنت آلت القتل من الوصول إلى حاشية الرئيس الذي نجا بأعجوبة من أمواج الدم وبراثن الموت، دون أن تكل حناجر اليمنيين أو تتعب في مطالبتها بإسقاط النظام ودون أن تجد الأذان الصاغية لأنين الجرحى ، والعيون التي يمكنها رؤية جثة القتلى....
يالسؤال الثالث هو من أين اكتسبت الجامعة هذه الشجاعة وهي التي كانت عاجزة على انتقاد أي حاكم عربي فلم يكن تهيمن على خطاباتها سوى عبارات المجاملة والأخوة العربية والتضامن في السراء والضراء حتى أن ممثلي الدول العربية كثيرا ما كانوا يتفادون إبداء آرائهم في سياسة ونظام البلدان الأخرى ، فرغم العداء المضمر غالبا ما كان العربي يصف الدول الأخرى بالشقيقة والصديقة والجارة التي تربطنا بها علاقة الأخوة والتاريخ والمصير المشترك ووو فما ذا حدث حتى كشرت الدول العربية جمعاء أنيابها في وجه سوريا ؟؟
أن قرار جامعة الدول العربية في شأن سوريا حط الجامعة على المحك ، فهي بهذا القرار ستكون مجبرة على التعامل بالمثل مع أي طاغية أطلق العنان لآلة القتل وسط شعبه ، وإلا سيوصف هذا القرار في المستقبل بأنه كان تحت تأثر قوى أخرى لها أجندتها في المنطقة وأنه مجرد تصفية حسابات تمت بأيد عربية .. يجب بعد هذا القرار أن تقطع الجامعة العربية الصلة بتجربتها الماضية وأن تعود للواجهة، بعد غياب، إلى التجاوب مع مطالب الجماهير لتصبح قوة ردع للطغاة ، وهي التي لها من الإمكانيات ما يجعلها هيئة مؤثرة في السياسات المحلية و العالمية ..كما يجب أن تعيد النظر في بنودها لتتخذ قراراتها بالأغلبية وليس بالإجماع وتكون لها القردرة على فرض القرارات على الأقلية الرافضة وأن تحظر المصلحة الاقتصادية في القرارات بدل العواطف والإيديولوجيا المتجاوزة ..
بقلم ذ. الكبير الداديسي
أثار قرار جامعة الدول العربية القاضي بتجميد عضوية سوريا والتلويح بفرض عقوبات على النظام السوري اهتمام كل المتتبعين عربيا ودوليا ، وتباينت ردود الفعل على هذا القرار وإن رحبت به الدول العظمى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة التي اعتبر أمينها العام بان كيمون القرار شجاعا وقويا ..
رغم تجميد عضوية مصر عقب توقيع أنور السادات لمعاهدة كومب ديفيد مع إسرائيل و نقل مقر الجامعة إلى تونس وتعيين التونسي الشادلي القليبي أمينا عاما ( أول وآخر مرة يعين أمين عام للجامعة خارج مصر ) ورغم تجميد عضوية ليبيا أثناء الثورة على القدافي. فإن الجامعة العربية لم يسبق لها أن اتخذت هكذا قرار..فلتجميد عضوية سوريا نغمة خاصة وهي من الأعضاء المؤسسين للجامعة ،وأكثر الأعضاء عزفا على وتر العروبة
لقد صادق على هذا القرار 18 دولة عربية بعد رفض اليمن ولبنان وامتناع العراق ، مع العلم أن ميثاق الجامع ينص على أن القرارات تتخذ بالإجماع ..و إذا كانت أسباب رفض اليمن ولبنان وامتناع العراق واضحة للمتتبعين : فوضع اليمن شبيه بوضع سوريا وبالتالي في رفض اليمن إشارة إلى رفضها فرض هكذا قرار على نظامها ..أما موقف لبنان والعراق فاليد الإيرانية فيه بادية وهي الساعية إلى الحفاظ على موطئ قدم لها بالشرق الأوسط رغم التهديد الغربي والمزاحمة التركية المتسللة تدريجيا وبهدوء داخل الكيان العربي .... مما جعل هذا القرار محاطا بعدة أسئلة منها :
السؤال الأول هو كيف تمكنت 18 دولة من توحيد موقفها في وجه شقيق الأمس ؟؟؟ وحتى أن كانت مواقف الدول الرافضة واضحة ، وموقف الدول الحديثة العهد بالثورة كتونس ومصر وليبيا مبررة فبماذا تم إقناع دول كانت ضد الثورات العربية كالجزائر ودول معروفة بسكوتها كعمان وموريطانيا ودول معروفة بوسطيتها ومرونتها مع القضايا القومية كالمغرب والأردن..وما الذي أجبر العاهل الأردني على دعوة بشار الأسد للتنحي عن السلطة ..؟؟؟؟
لقد مرت الدول العربية من أزمات كثيرة كانت مواقف الجامعة العربية فيه مخجلة وغير حاسمة سواء في إطار الصراع العربي الإسرائيلي أو في إطار بعض القضايا العربية والموقف من قضية العراق خير دليل على ذلك .. لذلك اعتبر هذا الإجماع في نظر معظم المتتبعين موقفا غير مسبوق للجامعة : فرأى فيه المتفائلون تفعيلا لدور الجامعة وإدخالها عهدا جديدا قد يكون لها فيه دور سياسي يعيد ثقة الشارع لمؤسسة أنشئت قبل الأمم المتحدة ، فيما رأى فيه آخرون مجرد تمهيد وغطاء لغزو خارجي بات وشيكا على سوريا رغم ترديد العرب رفضهم لأي تدخل أجنبي
والسؤال الثاني هو لماذا اتخذ قرار تجميد عضوية سوريا بهذه السرعة وسارعت العديد من الدول والهيآت إلى الترحيب بهذا القرار ، في الوقت الذي يسكت العالم عما يقع في اليمن ؟؟ لقد عاشت اليمن شهورا عصيبة قتل خلالها آلاف المتظاهرين وتمكنت آلت القتل من الوصول إلى حاشية الرئيس الذي نجا بأعجوبة من أمواج الدم وبراثن الموت، دون أن تكل حناجر اليمنيين أو تتعب في مطالبتها بإسقاط النظام ودون أن تجد الأذان الصاغية لأنين الجرحى ، والعيون التي يمكنها رؤية جثة القتلى....
يالسؤال الثالث هو من أين اكتسبت الجامعة هذه الشجاعة وهي التي كانت عاجزة على انتقاد أي حاكم عربي فلم يكن تهيمن على خطاباتها سوى عبارات المجاملة والأخوة العربية والتضامن في السراء والضراء حتى أن ممثلي الدول العربية كثيرا ما كانوا يتفادون إبداء آرائهم في سياسة ونظام البلدان الأخرى ، فرغم العداء المضمر غالبا ما كان العربي يصف الدول الأخرى بالشقيقة والصديقة والجارة التي تربطنا بها علاقة الأخوة والتاريخ والمصير المشترك ووو فما ذا حدث حتى كشرت الدول العربية جمعاء أنيابها في وجه سوريا ؟؟
أن قرار جامعة الدول العربية في شأن سوريا حط الجامعة على المحك ، فهي بهذا القرار ستكون مجبرة على التعامل بالمثل مع أي طاغية أطلق العنان لآلة القتل وسط شعبه ، وإلا سيوصف هذا القرار في المستقبل بأنه كان تحت تأثر قوى أخرى لها أجندتها في المنطقة وأنه مجرد تصفية حسابات تمت بأيد عربية .. يجب بعد هذا القرار أن تقطع الجامعة العربية الصلة بتجربتها الماضية وأن تعود للواجهة، بعد غياب، إلى التجاوب مع مطالب الجماهير لتصبح قوة ردع للطغاة ، وهي التي لها من الإمكانيات ما يجعلها هيئة مؤثرة في السياسات المحلية و العالمية ..كما يجب أن تعيد النظر في بنودها لتتخذ قراراتها بالأغلبية وليس بالإجماع وتكون لها القردرة على فرض القرارات على الأقلية الرافضة وأن تحظر المصلحة الاقتصادية في القرارات بدل العواطف والإيديولوجيا المتجاوزة ..