نظام الحماية بالمغرب والاستغلال الاستعماري
مقدمة:
خضع المغرب لنظام الحماية الفرنسية والاسبانية سنة 1912، الذي أخضع البلاد لعملية استغلال استعماري أثرت على المغاربة اقتصاديا واجتماعيا، فاندلعت مقاومة عسكرية وسياسية ضد الاحتلال.
I. الظروف العامة لفرض الحماية على المغرب، وأسسها:
1. الظروف العامة التي مهدت لفرض الحماية:
اشتد التنافس الامبريالي حول المغرب مع بداية القرن 20، فشكل أزمة دولية عرفت ب"المسألة المغربية". وقد عملت القوى المتنافسة على تسوية خلافاتها بشأن المغرب من خلال عدة مؤتمرات (مؤتمر مدريد 1880، الجزيرة الخضراء 1906، الاتفاقات الثنائية بين فرنسا وبريطانيا، وبين فرنسا وألمانيا وإسبانيا...). كما شجعت الأوضاع الداخلية للمغرب: (تزايد الديون الخارجية، ارتفاع الأسعار، الثورات الداخلية، الجفاف...) على عهد السلطانين مولاي عبد العزيز ، ومولاي عبد الحفيظ؛ على توجه فرنسا وإسبانيا لإسقاط المغرب في شباك الحماية. فاحتلت فرنسا الدار البيضاء، الشاوية، وجزء من دكالة، ثم وجدة 1907، واحتلت إسبانيا أجزاء متن شمال المغرب 1909.
2. مضمون معاهدة الحماية الفرنسية 30 مارس 1912:
أجبر السلطان مولاي عبد الحفيظ على توقيع عقد الحماية من أهم مضامينه:
- إدخال فرنسا لإصلاحات إدارية ، عسكرية، عدلية، تعليمية، واقتصادية مالية. (إدارة غير مباشرة)
- احترام وجود المؤسسة السلطانية الشريفة والمقومات الدينية الإسلامية للمغرب.
- تنظيم حكومة مخزنية محلية.
- التفاوض بين إسبانيا وفرنسا حول المناطق الشمالية للمغرب.
- دور السلطان في عمليات الاحتلال لضمان الأمن والهدوء بالبلاد.
3. واجه الاحتلال العسكري للمغرب مقاومة عنيفة:
مابين 1912 و1934، خضع المغرب للاحتلال العسكري الفرنسي والإسباني، وتم على مراحل تدريجية بالنظر لشدة المقاومة الوطنية على يد القبائل المغربية في مختلف المناطق الجغرافية:
• المقاومة بالمناطق الجنوبية: تزعمها أحمد الهبة ثم مربيه ربه، تمكن الهبة من دخول مراكش، غير أنه انهزم أمام فرنسا في معركة بوعثمان1934.
• المقاومة بالأطلس المتوسط: سيطر الفرنسيون على الأطلس الكبير بدعم من القواد الكبار فاندلعت المقاومة بزعامة موحى وحمو الزياني، (معركة الهري 1914) غير انه هزم وقتل سنة 1921.
• مقاومة الريف 1912-1926: اندلعت بها مقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي تمكن من الانتصار على الاسبان في معركة أنوال 1921، غير أن تحالفا فرنسيا إسبانيا قضى على مقاومته1926.
• المقاومة بتافيلالت والأطلس الكبير1918-1933: انتفضت قبائل آيت عطا ضد الاحتلال الفرنسي المدعوم بالقائد الكلاوي. فانتصرت في معركة بوكافر بزعامة عسو أوبسلام الذي استسلم أخيرا سنة 1933.
II. مظاهر الاستغلال الاستعماري وانعكاساته:
1. أشكال الاستغلال الاستعماري:
• التنظيم الإداري على عهد الحماية:
انقسمت الإدارة على عهد الحماية إلى:
- الإدارة المغربية: إدارة صورية وشكلية تنتظم على الشكل التالي:
السلطان: احتفظ بالشؤون الدينية وإمضاء الظهائر
الصدر الأعظم: الإشراف على الإدارة المغربية.
الوزراء: الاحتفاظ بوزارتي العدل والأوقاف بعد حذف باقي الوزارات.
الباشوات بالمدن والقواد بالبوادي: جمع الضرائب وخاضعون للإدارة الفرنسية.
- الإدارة الفرنسية: إدارة فعلية .
المقيم العام : ممثل الجمهورية الفرنسية بالمغرب، تسيير كل المصالح الإدارية والعسكرية، وإصدار القوانين والمصادقة عليها.
الكاتب العام: الإشراف على جميع الإدارات.
المديرون: رئاسة المديريات (الوزارات) وهي مديرية المالية، مديرية الداخلية، مديرية التعليم العمومي.
قائد المنطقة: في المناطق العسكرية (فاس، مكناس، مراكش، أكادير)؛ وفي المناطق المدنية (الرباط، الدار البيضاء، وجدة)
مراقبون مدنيون: في المناطق المدنية
ضباط الشؤون الأهلية: في المناطق العسكرية.
لقد تحول نظام الحماية إلى إدارة مباشرة ، وأصبحت للإقامة العامة سلطات مطلقة
• أشكال الاستغلال الاستعماري الاقتصادي:
- الاستغلال المالي: لعبت الشركات والأبناك دورا هاما في هذا الصدد، فقد عمدت إلى إنجاز الأشغال العمومية (طرق، موانئ، سكك حديدية).
- الاستغلال الفلاحي: استولت فرنسا على الأراضي الفلاحية الخصبة عبر الاستعمار الفلاحي الرسمي والخاص، ونشرت الزراعات الرأسمالية التسويقية.
- الاستغلال التجاري: عرف الميزان التجاري المغربي عجزا لفائدة فرنسا مما كرس تبعية المغرب للرأسمالية العالمية.
- الاستغلال المنجمي: احتكرت عدة شركات عملية التنقيب عن المعادن واستخراجها وخاصة معدن الفوسفاط فتزايدت أرباحها.
• انعكاسات الاستغلال الاستعماري:
- انعكاسات سلبية على الصناعة التقليدية: تراجعت أغلب الحرف التقليدية بسبب منافسة المنتجات المصنعة المستوردة مما ألحق الضرر بالورشات والتعاونيات الحرفية وإفلاس الحرفيين وتراجع مستوى معيشتهم، فتحولوا إلى يد عاملة رخيصة للشركات الأجنبية.
- تدهور وضعية الفلاح المغربي: تحول المزارعون إلى عمال مأجورين بضيعات المعمرين، والشركات الفلاحية. وبعضهم هاجر إلى المدن بحثا عن عمل بالقطاع الصناعي (جيش من العمال بأحياء الصفيح....... دعم الحركة الوطنية)
خلاصة:
نستنتج مما سبق أن الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية كان عملية منظمة خدمت مصالح الرأسمال الأجنبي، وأزمت وضعية المغاربة اقتصاديا واجتماعيا، مما ولد لديهم شعورا وطنيا تبلور في الحركة الوطنية
مقدمة:
خضع المغرب لنظام الحماية الفرنسية والاسبانية سنة 1912، الذي أخضع البلاد لعملية استغلال استعماري أثرت على المغاربة اقتصاديا واجتماعيا، فاندلعت مقاومة عسكرية وسياسية ضد الاحتلال.
I. الظروف العامة لفرض الحماية على المغرب، وأسسها:
1. الظروف العامة التي مهدت لفرض الحماية:
اشتد التنافس الامبريالي حول المغرب مع بداية القرن 20، فشكل أزمة دولية عرفت ب"المسألة المغربية". وقد عملت القوى المتنافسة على تسوية خلافاتها بشأن المغرب من خلال عدة مؤتمرات (مؤتمر مدريد 1880، الجزيرة الخضراء 1906، الاتفاقات الثنائية بين فرنسا وبريطانيا، وبين فرنسا وألمانيا وإسبانيا...). كما شجعت الأوضاع الداخلية للمغرب: (تزايد الديون الخارجية، ارتفاع الأسعار، الثورات الداخلية، الجفاف...) على عهد السلطانين مولاي عبد العزيز ، ومولاي عبد الحفيظ؛ على توجه فرنسا وإسبانيا لإسقاط المغرب في شباك الحماية. فاحتلت فرنسا الدار البيضاء، الشاوية، وجزء من دكالة، ثم وجدة 1907، واحتلت إسبانيا أجزاء متن شمال المغرب 1909.
2. مضمون معاهدة الحماية الفرنسية 30 مارس 1912:
أجبر السلطان مولاي عبد الحفيظ على توقيع عقد الحماية من أهم مضامينه:
- إدخال فرنسا لإصلاحات إدارية ، عسكرية، عدلية، تعليمية، واقتصادية مالية. (إدارة غير مباشرة)
- احترام وجود المؤسسة السلطانية الشريفة والمقومات الدينية الإسلامية للمغرب.
- تنظيم حكومة مخزنية محلية.
- التفاوض بين إسبانيا وفرنسا حول المناطق الشمالية للمغرب.
- دور السلطان في عمليات الاحتلال لضمان الأمن والهدوء بالبلاد.
3. واجه الاحتلال العسكري للمغرب مقاومة عنيفة:
مابين 1912 و1934، خضع المغرب للاحتلال العسكري الفرنسي والإسباني، وتم على مراحل تدريجية بالنظر لشدة المقاومة الوطنية على يد القبائل المغربية في مختلف المناطق الجغرافية:
• المقاومة بالمناطق الجنوبية: تزعمها أحمد الهبة ثم مربيه ربه، تمكن الهبة من دخول مراكش، غير أنه انهزم أمام فرنسا في معركة بوعثمان1934.
• المقاومة بالأطلس المتوسط: سيطر الفرنسيون على الأطلس الكبير بدعم من القواد الكبار فاندلعت المقاومة بزعامة موحى وحمو الزياني، (معركة الهري 1914) غير انه هزم وقتل سنة 1921.
• مقاومة الريف 1912-1926: اندلعت بها مقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي تمكن من الانتصار على الاسبان في معركة أنوال 1921، غير أن تحالفا فرنسيا إسبانيا قضى على مقاومته1926.
• المقاومة بتافيلالت والأطلس الكبير1918-1933: انتفضت قبائل آيت عطا ضد الاحتلال الفرنسي المدعوم بالقائد الكلاوي. فانتصرت في معركة بوكافر بزعامة عسو أوبسلام الذي استسلم أخيرا سنة 1933.
II. مظاهر الاستغلال الاستعماري وانعكاساته:
1. أشكال الاستغلال الاستعماري:
• التنظيم الإداري على عهد الحماية:
انقسمت الإدارة على عهد الحماية إلى:
- الإدارة المغربية: إدارة صورية وشكلية تنتظم على الشكل التالي:
السلطان: احتفظ بالشؤون الدينية وإمضاء الظهائر
الصدر الأعظم: الإشراف على الإدارة المغربية.
الوزراء: الاحتفاظ بوزارتي العدل والأوقاف بعد حذف باقي الوزارات.
الباشوات بالمدن والقواد بالبوادي: جمع الضرائب وخاضعون للإدارة الفرنسية.
- الإدارة الفرنسية: إدارة فعلية .
المقيم العام : ممثل الجمهورية الفرنسية بالمغرب، تسيير كل المصالح الإدارية والعسكرية، وإصدار القوانين والمصادقة عليها.
الكاتب العام: الإشراف على جميع الإدارات.
المديرون: رئاسة المديريات (الوزارات) وهي مديرية المالية، مديرية الداخلية، مديرية التعليم العمومي.
قائد المنطقة: في المناطق العسكرية (فاس، مكناس، مراكش، أكادير)؛ وفي المناطق المدنية (الرباط، الدار البيضاء، وجدة)
مراقبون مدنيون: في المناطق المدنية
ضباط الشؤون الأهلية: في المناطق العسكرية.
لقد تحول نظام الحماية إلى إدارة مباشرة ، وأصبحت للإقامة العامة سلطات مطلقة
• أشكال الاستغلال الاستعماري الاقتصادي:
- الاستغلال المالي: لعبت الشركات والأبناك دورا هاما في هذا الصدد، فقد عمدت إلى إنجاز الأشغال العمومية (طرق، موانئ، سكك حديدية).
- الاستغلال الفلاحي: استولت فرنسا على الأراضي الفلاحية الخصبة عبر الاستعمار الفلاحي الرسمي والخاص، ونشرت الزراعات الرأسمالية التسويقية.
- الاستغلال التجاري: عرف الميزان التجاري المغربي عجزا لفائدة فرنسا مما كرس تبعية المغرب للرأسمالية العالمية.
- الاستغلال المنجمي: احتكرت عدة شركات عملية التنقيب عن المعادن واستخراجها وخاصة معدن الفوسفاط فتزايدت أرباحها.
• انعكاسات الاستغلال الاستعماري:
- انعكاسات سلبية على الصناعة التقليدية: تراجعت أغلب الحرف التقليدية بسبب منافسة المنتجات المصنعة المستوردة مما ألحق الضرر بالورشات والتعاونيات الحرفية وإفلاس الحرفيين وتراجع مستوى معيشتهم، فتحولوا إلى يد عاملة رخيصة للشركات الأجنبية.
- تدهور وضعية الفلاح المغربي: تحول المزارعون إلى عمال مأجورين بضيعات المعمرين، والشركات الفلاحية. وبعضهم هاجر إلى المدن بحثا عن عمل بالقطاع الصناعي (جيش من العمال بأحياء الصفيح....... دعم الحركة الوطنية)
خلاصة:
نستنتج مما سبق أن الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية كان عملية منظمة خدمت مصالح الرأسمال الأجنبي، وأزمت وضعية المغاربة اقتصاديا واجتماعيا، مما ولد لديهم شعورا وطنيا تبلور في الحركة الوطنية