التعريف بالمؤلــفة و مؤلفاتها




كاتبة الرجوع إلى الطفولة هي الإذاعية والكاتبة المغربية ليلىأبو زيد. ولدت سنة 1950 م بالقصيبة إقليم بني ملالا. بعد دراستها الثانوية التحقت بجامعة محمد الخامس، كلية الآداب بالرباط ، وأنهت دراستها بجامعة تكساس في أوستن بالولايات المتحدة الأمريكية وفيها حصلت على الإجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها ، لتشتغل بعد ذلك بمؤسسة الإذاعة و التلفزة المغربية ( قسم الأخبار في التلفزيون ). وبعد ذلك التحقت بالعمل الإداري ، واشتغلت في عدة دواوين وزارية أهمها ديوان الوزارة الأولى .
لكنها لم تستسلم لروتينية العمل الإداري، ولم تمنعها دواليبه من المطالعة والكتابة فألفت مجموعة من المؤلفات السردية أهمها :
المؤلف جنسه طبعته الأولى
بعض سنبلات خضر
( رحلة ) الطبعة الأولى 1979
محمد الخامس
(مترجم ) الطبعة الأولى 1979
عام الفيل
(رواية ) الطبعة الأولى 1983
امريكا الوجه الآخر
(رحلة) الطبعة الأولى 1986
رجوع إلى الطفولة
(سيرة ذاتية ) الطبعة الأولى 1993
ملكوم إكس
(مترجم ) الطبعة الأولى 1996
الفصل الأخير
( رواية الطبعة الأولى 2000
الغريب
(مجموعة قصصية )
الطبعة الأولى 2002


التعريف بالكتاب وظروف تأليفه

يصنف مؤلف (رجوع إلى الطفولة) ضمن أدب السيرة الذاتية ،على الرغم من عدم وجود أية إشارة على الغلاف تحدد جنس هذا المؤلف، ووعلى الرغم من أن هذه السيرة قد كتبت في الأصل بالإنجليزية سنة 1991إلا أنها لم تصدر في طبعته الأولى بالعربية إلا سنة 1993 . وستصدر طبعته الثالثة سنة 2005 وهي الطبعة التي سنعتمد في هذه المقاربة
صدرت هذه الطبعة عن مطبعة النجاح الجديدة في151 صفحة. وقد قسـّــم ا لكتاب إلى أربعت فصول جعلت الكاتبة من بعض المدن المغربية عناوين لها . وهذه الفصول هي:
ــ القصيبة : من الصفحة 8 إلى الصفحة 55
ــ صفرو : من الصفحة56 إلى الصفحة 101
الدار البيضاء : من الصفحة 102 إلى الصفحة 130
ــ الرباط : من الصفحة 131 إلى الصفحة 148
إضافة إلى مقدمة تتحدث فيها الكاتبة عن السيرة الذاتية في المغرب ونظرتها لأدب السيرة ،وظروف تأليفها لسيرتها الذاتية.
تعترف ليلى أبو زيد أنها لم تكن تفكر نهائيا في كتابة سيرتها الذاتية ـ عكس معظم كتاب السيرة الذين
ظلت تراودهم فكرة الكتابة قبل إقدامهم عليها ـ والغريب هو الحجج التي بررت بها ذلك ولخصتها في:
ــ كونها امرأة فهي تقول (كانت كتابة سيرة حياتي غير واردة لأني فوق ذلك امرأة في مجتمع ظلت فيه المرأة تاريخيا ولأمد طويل مستبعدة و ساكتة )
ـ التردد، وعدم الكتابة إلا تحت الطلب، تقول: ( كان علي أن انتظر سنوات طويلة قبل أن أجرؤ على كتابة سيرتي الذاتية وحتى عندما فعلت ذلك لم أفعله من تلقاء نفسي ،ولكن الأستاذة إليزابيت فرنا الخبيرة الأمريكية المعروفة في شؤون الشرق الأوسط طلبت مني...) وما نعرفه عن معظم كتاب السيرة هو شعورهم بالحاجة الى الكتابة وإحساسهم أن في حياتهم شيئا ذا أهمية يمكن أم يفيد أو يمتع الناس
ــ نظرتها إلى السيرة الذاتية فهي ترى أن (السيرة الذاتية في المغرب كانت مستهجنة ) متجاهلة الترحيب الكبير الذي حضي به كتاب التعريف بابن خلدون في مشارق الأرض ومغاربها وأن المغاربة لم يترددوا لحظة في تدوين الأحداث التي عاشوها وما أدب الرحلات إلا تدوين لمراحل من حياة الكتاب
ــ اقتناعها أن (كاتب السيرة تنطبق عليه مقولة " مادح نفسه ومزكيها ") و أنه يتميز (بالأنانية بدل الإيثار الفردية بدل روح الجماعة الغطرسة بدل التواضع)
ــ أن كتابة السيرة الذاتية في نظرها كشف للعورة ذلك (أن السيرة الذاتية تسمح للحي كله بالإشراف على وسط الدار وكشف عورتها )
ــ قناعتها أن الكتابة للأجنبي تختلف عن الكتابة للقارئ العربي تقول ( بالإضافة إلى أنه موجه لجمهور أجنبي وأنه يمنحني الفرصة لتصحيح ما يمكن تصحيحه من أفكار مسبقة عن الإسلام والمرأة المسلمة ) وتضيف بعد أن رفض ناشر لبناني نشر سيرتها (وأكد رأيي السابق ، أنني ما كنت لاكتب هذه السيرة لو كنت سأتوجه بها إلى القارئ العربي )
ــ إحساسها بعدم القدرة على كتابة سيرتها وأن كل ما في ذاكرتها عن طفولتها قد لا يملأ حتى خمسة عشر صفحة تقول (لم أتصور أن يكون في طفولتي ما يمكنني به ملأ حتى العدد الأدنى من الصفحات المطلوبة)

ــ اعتبار نفسها من مؤسسي أدب السيرة الذاتية في المغرب ( منذ سنة 1993 [وهي السنة التي نشرت فيها (رجوع إلى الطفولة )] فتح الباب على مصراعيه للسيرة الذاتية )

إن هذه الاعترافات وغيرها تجعل القارئ يتساءل عن مدى صدق ليلى أبو زيد في سيرتها خاصة وهي التي اقتحمت غمار الكتابة بكل هذه الحيطة والتردد

دلالات العنوان والغلاف
أ ـ دلالات العنوان


يعد العنوان أحد أهم عتبات النص الأدبي فهم مدخل قرائي قد يختزل مضمون التجربة برمتها ، فقد تكفي قراءة عنوان للتنبؤ بما يحويه الكتاب ، ذلك أن العنوان قد يختزل محتوى المتن ، وقد يحدد الشخصية المحورية في العمل الأدبي، كما قد يحدد الفضاء الذي تدور فيه الأحداث . وقد يكون العنوان ذا دلالات رمزية.... لذلك سعى البعض إلى جعل الاهتمام بالعنوان علما خاصا موضوعا ومنهجا وجهازا مفاهيميا (TITROLOGIE ) . فجيرار جينيت يعتبر العنوان عتبة ذات سياقات ودلالات ووظائف لا تنفصل عن بنية العمل الفني . و رولان بارت يعتبره صاحب الدور الأول في إكساب المتلقي معرفة بالنص . ومن تم فالعنوان يعد العلامة التي تسمي الكتاب وتميزه ،انه بطاقة هوية الكتاب : فقلما وجدنا كتابا بدون عنوان . و اختيار العنوان غالبا ما يأتي بعد الانتهاء من كتابة النص، لذلك فاختياره يخلو من قصدية .وقد يكلف المؤلف وقتا وجهدا كبيرين قبل إخراجه ليصبح بنية دلالية وسميائية وتوجيهية... إن وضيفة إشهارية فهو أول ما يواجه المتلقي، فهو واجهة العمل عامة للنص .
لقد اختارت ليلى أبو زيد لسيرتها عنوانا مكونا من شبه جملة تضم ركنين أساسين هما (رجوع ) و(الطفولة ) تربط بينهما أداة الجر ( إلى ). وهو عنوان له علاقة بجنس المؤلف؛ فما السيرة سوى رجوع السارد الى مراحل حياته السابقة ليحكي منها ما علق بذاكرته . كما أن العنوان يحدد طبيعة وصيغة السرد فهو يحيل على السرد اللاحق أي أن السارد سيحكي أحداثا بعد اكتمال وقوعها مما سيجعله يتعامل مع هذه الأحداث بنوع من الانتقائية ،
إن العنوان يشير إلى علاقة الكاتبة بالبطلة ذلك أن عبارة (رجوع الى الطفولة ) تحيل على رجوع ليلى أبو زيد إلى طفولتها . وهو ليس رجوع في الزمن ، وإنما رجوع عبر التذكر، ومن تم يجد القارئ نفسه أمام الوضع التالي :

ليلى الناضجة تتذكر وتتأمل ليلى الطفلة

حياة


ب ـ دلالات الغلاف


يبدو أن غلاف مؤلف( رجوع إلى الطفولة) مناسب للمتن وللجنس الذين يمثلهما الكتاب : فاختيار اللون الوردي للغلاف يبدو محمّـــلا بدلالات الحنين الماضي الوردي والطفولة حيث البراءة كما أن هذا اللون في الثقافة الإنسانية يحيل على الأنوثة ولاختيار هذا اللون ما يسوغه فالكاتبة امرأة والساردة امرأة المؤلف برمته يدخل في طار الأدب النسائي يقول عبد العزيز جدير ( يمكن اعتبار ليلى أبو زيد كاتبة المرأة بامتياز فرواتها نساء ، وشخوصها النسائية أصوات ..... رجوع الى الطفولة تعطي مصداقية للتاريخ اشفوي الذي تحكيه نساء أميات ). 4
وقد زين هذا الغلاف بصورة فوطوغرافية لطفلتين متوجهتين نحو منزل ريفي ؛ الفتاة الكبرى تمسك بيد أختها الصغرى تحاول مساعدتها على السير . والصورة ملتقطة بالأسود والأبيض مما يجعلها تحيل على الماضي . وقد تكون مأخوذة من ألبوم الكاتبة الشخصي ، خاصة وأن البيت الذي كانت تسكنه ليلى أبو زيد والذي لا زالت صورته عالقة بذهنها تتطابق وصورة البيت في هذه الصورة فهي القائلة في سيرتها الذاتية: ( يقود الطريق الرئيسي إلى حائط أبيض قصير في جنب الطريق ... تسكن عائلات الجنود المغاربة ثكنة داخل سور أبيض بثلاثة أبواب ، بيوته متشابهة تنتهي ببيتين أوسع وأفضل يسكنهما الموظفان المغربيان الوحيدان في الإدارة . في أحد ذينك البيتين كنا نسكن ...) يبدو من خلال هذا الوصف مدى تركيز الساردة على على السور الأبيض وبساطة الدور وهو ما تعكسه صورة الغلاف