الضغوط الاستعمارية على المغرب
مقدمة:عرف المغرب منذ بداية القرن 19 هزيمتين عسكريتين أمام فرنسا وإسبانيا جعلته يتعرض لعدة ضغوط عسكرية واقتصادية ودبلوماسية، دفعت المخزن إلى القيام بعدة إصلاحات كانت نتائجها محدودة.
1 ساهمت الضغوط العسكرية في التغلغل الاستعماري في المغرب:
1. هزيمة المغرب أمام فرنسا في معركة إيسلي سنة 1844:يعتبر احتلال فرنسا للجزائر سنة 1830 بداية التهديد المباشر للمغرب نتيجة:
- طمع فرنسا في خيرات المغرب.
- دعم المغرب للمقاومة الجزائرية التي تزعمها الأمير عبد القادر الجزائري.
- الاصطدامات التي وقعت بين القبائل الشرقية المغربية وبين الجيش الفرنسي بالجزائر.
اندلاع معركة إيسلي التي انهزم فيها الجيش المغربي امام الجيش الفرنسي نتيجة عدة عوامل منها:
• ضعف الجيش المغربي عتادا وتنظيما.
• عدم انضباط الجيش المغربي وعدم تحمسه للجهاد. وقع الطرفان معاهدة للا مغنية سنة 1845 التي تضمنت عدة شروط لتسوية مسألة الحدود بين المغرب والجزائر، منها:
• رسم الحدود الشمالية من البحر الأبيض المتوسط إلى ثنية الساسي.
• ترك مسألة الحدود الجنوبية الشرقية غامضة مما سيتيح للجيش الفرنسي فرصة التوغل الاستعماري بالمغرب.
2. هزيمة المغرب أمام إسبانيا في حرب تطوان سنة 1859 - 1860:
استغلت إسبانيا هزيمة المغرب في حرب إيسلي، وحاولت التوسع خارج مليلية فاصطدمت بقبائل المنطقة، مما أدى إلى قيام حرب تطوان التي انهزم فيها الجيش المغربي، ووقعت معاهدة الصلح مع إسبانيا التي تضمنت عدة شروط قاسية منها:
• فرض غرامة ثقيلة على المغرب 20 مليون ريال أفرغت خزينة المخزن.
•التوسع الترابي بين سبتة وتطوان.استدان المغرب من بريطانيا لتسديد الغرامة؛ كما رهن 50% من مداخيل الجمارك المغربية؛ وزاد من الضغط الضريبي على السكان. 3 .التسرب الاستعماري الأوربي في الصحراء المغربية خلال القرن 19:
في أواخر القرن 19 تزايدت الأطماع العسكرية الأوربية في الجنوب المغربي حيث احتلت فرنسا الواحات الجنوبية: توات كورارة تيدكلت سنة 1899، واحتلت إسبانيا سيدي إفني سنة 1900، وفي سنة 1901 تم توقيع الجزائر لفرض احتلال فرنسا للمناطق التي استولت عليها.
2. الضغوط الدبلوماسية لفرض الامتيازات الأوربية على المغرب خلال القرن 19:
1. التدخل الدبلوماسي لفرض الامتيازات التجارية على المغرب:
حصلت بريطانيا بموجب معاهدة 1856 على عدة امتيازات تجارية وسياسية داخل المغرب مما أضعف المخزن المغربي، من أهم بنود هذه المعاهدة:
• حق الرعايا الإنجليز في الاستقرار والتنقل، وحقهم في الملكية وفي ممارسة الأنشطة الاقتصادية.
• تحديد الرسوم الجمركية على كل الواردات في عشر القيمة 10 % (نقدا)
• إعطاء أعوان القناصل وسماسرة التجار وشركائهم من المغاربة امتيازات قضائية وجبائية.
• عدم تدخل القضاء المغربي في الفصل في النزاعات بين الرعايا الانجليز في المغرب.
• تحرير التبادل التجاري مع إنجلترا.
2. التدخل الدبلوماسي لفرض الامتيازات السياسية الأوربية بالمغرب:
وقع المغرب مع فرنسا معاهدة 1863 فعملت فرنسا بموجبها بتفعيل بنود الاتفاقيات السابقة خاصة ما يتعلق بالحماية الفردية (القنصلية)، وبموجبها انقسم المحميون إلى قسمين:
- محميون مغاربة يشتغلون لفائدة السفراء الأجانب أو لدى القناصل.
- محميون يشتغلون كوسطاء مع التجار الأجانب (السماسرة) .
وقد استفاد المحميون من الإعفاء الضريبي ومن متابعة القضاء الشرعي الإسلامي.
ونظرا لخطورة الحماية القنصلية على المغرب فقد دعا السلطان الحسن الأول إلى عقد مؤتمر مدريد 1880، لكن بنوده جاءت مخيبة لآمال المغاربة، حيث أكد على الحماية الفردية، وعلى حق الأجانب في الملكية العقارية في المغرب.
3. الإصلاحات التي عرفها المغرب خلال القرن 19 ونتائجها المحدودة:
1. مجالات الإصلاح بالمغرب خلال القرن 19:
لمواجهة الأطماع الاستعمارية أقدم المخزن المغربي على جملة من الإصلاحات شملت مجالات مختلفة نرصد كالآتي:
• المجال العسكري: حاول مولاي عبد الرحمان بن هشام وابنه سيدي محمد إصلاح الجيش المغربي من خلال عدة إجراءات:
- تكوين نواة جيش وطني عصري نظامي يعوض به جيش القبائل التقليدي.
- إرسال بعثات طلابية للتكوين العسكري في الخارج واستقدام بعثات عسكرية أجنبية لتدريب الجيش المغربي في الداخل (فرنسا، بريطانيا، إيطاليان ألمانيا...).
- اقتناء أسلحة ( المدفعية) وقطع حربية من الخارج خاصة في المجال البحري، وإنشاء مصانع للأسلحة (دار الماكينة بفاس، دار القرطوس بمراكش).
• المجال الاقتصادي:
- الاهتمام بزراعة القطن وقصب السكر وتصنيعهما.
- إنشاء مصنع للورق بالصويرة واستخراج الفحم.
- سك عملة جديدة فضية ونحاسية والتشدد في محاربة الغش.
- تطوير البنية التحتية (القناطر، الموانئ، التجهيزات الفلاحية والصناعية...)
• الإصلاحات الإدارية والتعليمية:
- تحديد اختصاصات الصدر الأعظم، وتقوية السلطة المركزية بالأقاليم.
- تعيين أمناء مأجورين بالمراسي للحد من الرشوة والاختلاس، وإصلاح الجهاز المالي مركزيا ومحليا لتنظيم مداخيل ومصاريف المخزن.
- إحداث وزارة تشرف على أمور الدولة الداخلية والخارجية (الحربية، العدل، الخارجية...)
- إصلاح نظام السلطات المحلية بإحداث قيادات صغرى والحد من نفوذ القواد الكبار.
- تأسيس مدرسة على النمط العصري لتلقي العلوم الحديثة
- إرسال بعثات طلابية إلى الخارج وخاصة إلى بريطانيا.
2. اتسمت إصلاحات المخزن في القرن 19 بمحدوديتها نظرا لعدة عوامل:
منها:-الكلفة المالية للإصلاحات والتي أسقطت المالية المغربية في الاقتراض.
- عرقلة الأوربيين للإصلاحات المغربية بحكم أطماعهم الاستعمارية.
-مقاومة بعض القوى للإصلاحات خوفا على امتيازاتهم التقليدية (قواد الجيش، الأعيان، القواد، التجار...)
-موقف بعض الفئات المحافظة (العلماء) التي اعتبرت الإصلاح بدعة.
-منع بريطانيا المغرب من حق التشريع في ميدان الجمارك.
-الغرامة المالية التي فرضت من لدن الإسبان على المغرب. - فساد أغلب البضائع التي استوردها المغرب من الخارج. خلاصة:امتاز القرن التاسع عشر بهشاشة البنيات الداخلية من جهة، وتفوق الآلة العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية الأوربية، مما أسقط المغرب في براثين الاستعمار مع بداية القرن
مقدمة:عرف المغرب منذ بداية القرن 19 هزيمتين عسكريتين أمام فرنسا وإسبانيا جعلته يتعرض لعدة ضغوط عسكرية واقتصادية ودبلوماسية، دفعت المخزن إلى القيام بعدة إصلاحات كانت نتائجها محدودة.
1 ساهمت الضغوط العسكرية في التغلغل الاستعماري في المغرب:
1. هزيمة المغرب أمام فرنسا في معركة إيسلي سنة 1844:يعتبر احتلال فرنسا للجزائر سنة 1830 بداية التهديد المباشر للمغرب نتيجة:
- طمع فرنسا في خيرات المغرب.
- دعم المغرب للمقاومة الجزائرية التي تزعمها الأمير عبد القادر الجزائري.
- الاصطدامات التي وقعت بين القبائل الشرقية المغربية وبين الجيش الفرنسي بالجزائر.
اندلاع معركة إيسلي التي انهزم فيها الجيش المغربي امام الجيش الفرنسي نتيجة عدة عوامل منها:
• ضعف الجيش المغربي عتادا وتنظيما.
• عدم انضباط الجيش المغربي وعدم تحمسه للجهاد. وقع الطرفان معاهدة للا مغنية سنة 1845 التي تضمنت عدة شروط لتسوية مسألة الحدود بين المغرب والجزائر، منها:
• رسم الحدود الشمالية من البحر الأبيض المتوسط إلى ثنية الساسي.
• ترك مسألة الحدود الجنوبية الشرقية غامضة مما سيتيح للجيش الفرنسي فرصة التوغل الاستعماري بالمغرب.
2. هزيمة المغرب أمام إسبانيا في حرب تطوان سنة 1859 - 1860:
استغلت إسبانيا هزيمة المغرب في حرب إيسلي، وحاولت التوسع خارج مليلية فاصطدمت بقبائل المنطقة، مما أدى إلى قيام حرب تطوان التي انهزم فيها الجيش المغربي، ووقعت معاهدة الصلح مع إسبانيا التي تضمنت عدة شروط قاسية منها:
• فرض غرامة ثقيلة على المغرب 20 مليون ريال أفرغت خزينة المخزن.
•التوسع الترابي بين سبتة وتطوان.استدان المغرب من بريطانيا لتسديد الغرامة؛ كما رهن 50% من مداخيل الجمارك المغربية؛ وزاد من الضغط الضريبي على السكان. 3 .التسرب الاستعماري الأوربي في الصحراء المغربية خلال القرن 19:
في أواخر القرن 19 تزايدت الأطماع العسكرية الأوربية في الجنوب المغربي حيث احتلت فرنسا الواحات الجنوبية: توات كورارة تيدكلت سنة 1899، واحتلت إسبانيا سيدي إفني سنة 1900، وفي سنة 1901 تم توقيع الجزائر لفرض احتلال فرنسا للمناطق التي استولت عليها.
2. الضغوط الدبلوماسية لفرض الامتيازات الأوربية على المغرب خلال القرن 19:
1. التدخل الدبلوماسي لفرض الامتيازات التجارية على المغرب:
حصلت بريطانيا بموجب معاهدة 1856 على عدة امتيازات تجارية وسياسية داخل المغرب مما أضعف المخزن المغربي، من أهم بنود هذه المعاهدة:
• حق الرعايا الإنجليز في الاستقرار والتنقل، وحقهم في الملكية وفي ممارسة الأنشطة الاقتصادية.
• تحديد الرسوم الجمركية على كل الواردات في عشر القيمة 10 % (نقدا)
• إعطاء أعوان القناصل وسماسرة التجار وشركائهم من المغاربة امتيازات قضائية وجبائية.
• عدم تدخل القضاء المغربي في الفصل في النزاعات بين الرعايا الانجليز في المغرب.
• تحرير التبادل التجاري مع إنجلترا.
2. التدخل الدبلوماسي لفرض الامتيازات السياسية الأوربية بالمغرب:
وقع المغرب مع فرنسا معاهدة 1863 فعملت فرنسا بموجبها بتفعيل بنود الاتفاقيات السابقة خاصة ما يتعلق بالحماية الفردية (القنصلية)، وبموجبها انقسم المحميون إلى قسمين:
- محميون مغاربة يشتغلون لفائدة السفراء الأجانب أو لدى القناصل.
- محميون يشتغلون كوسطاء مع التجار الأجانب (السماسرة) .
وقد استفاد المحميون من الإعفاء الضريبي ومن متابعة القضاء الشرعي الإسلامي.
ونظرا لخطورة الحماية القنصلية على المغرب فقد دعا السلطان الحسن الأول إلى عقد مؤتمر مدريد 1880، لكن بنوده جاءت مخيبة لآمال المغاربة، حيث أكد على الحماية الفردية، وعلى حق الأجانب في الملكية العقارية في المغرب.
3. الإصلاحات التي عرفها المغرب خلال القرن 19 ونتائجها المحدودة:
1. مجالات الإصلاح بالمغرب خلال القرن 19:
لمواجهة الأطماع الاستعمارية أقدم المخزن المغربي على جملة من الإصلاحات شملت مجالات مختلفة نرصد كالآتي:
• المجال العسكري: حاول مولاي عبد الرحمان بن هشام وابنه سيدي محمد إصلاح الجيش المغربي من خلال عدة إجراءات:
- تكوين نواة جيش وطني عصري نظامي يعوض به جيش القبائل التقليدي.
- إرسال بعثات طلابية للتكوين العسكري في الخارج واستقدام بعثات عسكرية أجنبية لتدريب الجيش المغربي في الداخل (فرنسا، بريطانيا، إيطاليان ألمانيا...).
- اقتناء أسلحة ( المدفعية) وقطع حربية من الخارج خاصة في المجال البحري، وإنشاء مصانع للأسلحة (دار الماكينة بفاس، دار القرطوس بمراكش).
• المجال الاقتصادي:
- الاهتمام بزراعة القطن وقصب السكر وتصنيعهما.
- إنشاء مصنع للورق بالصويرة واستخراج الفحم.
- سك عملة جديدة فضية ونحاسية والتشدد في محاربة الغش.
- تطوير البنية التحتية (القناطر، الموانئ، التجهيزات الفلاحية والصناعية...)
• الإصلاحات الإدارية والتعليمية:
- تحديد اختصاصات الصدر الأعظم، وتقوية السلطة المركزية بالأقاليم.
- تعيين أمناء مأجورين بالمراسي للحد من الرشوة والاختلاس، وإصلاح الجهاز المالي مركزيا ومحليا لتنظيم مداخيل ومصاريف المخزن.
- إحداث وزارة تشرف على أمور الدولة الداخلية والخارجية (الحربية، العدل، الخارجية...)
- إصلاح نظام السلطات المحلية بإحداث قيادات صغرى والحد من نفوذ القواد الكبار.
- تأسيس مدرسة على النمط العصري لتلقي العلوم الحديثة
- إرسال بعثات طلابية إلى الخارج وخاصة إلى بريطانيا.
2. اتسمت إصلاحات المخزن في القرن 19 بمحدوديتها نظرا لعدة عوامل:
منها:-الكلفة المالية للإصلاحات والتي أسقطت المالية المغربية في الاقتراض.
- عرقلة الأوربيين للإصلاحات المغربية بحكم أطماعهم الاستعمارية.
-مقاومة بعض القوى للإصلاحات خوفا على امتيازاتهم التقليدية (قواد الجيش، الأعيان، القواد، التجار...)
-موقف بعض الفئات المحافظة (العلماء) التي اعتبرت الإصلاح بدعة.
-منع بريطانيا المغرب من حق التشريع في ميدان الجمارك.
-الغرامة المالية التي فرضت من لدن الإسبان على المغرب. - فساد أغلب البضائع التي استوردها المغرب من الخارج. خلاصة:امتاز القرن التاسع عشر بهشاشة البنيات الداخلية من جهة، وتفوق الآلة العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية الأوربية، مما أسقط المغرب في براثين الاستعمار مع بداية القرن